تعتبر منطقة الونشريس غنية بالمعالم الأثرية القديمة الضاربة في عمق التاريخ تحكي قصص من عبروا من هنا واستوطنوا هذه الرقعة من المغرب الأوسط، وهي عبارة عن مخلفات وبصمات قديمة دلت على قدم التعمير ونشاط الإنسان في تلك الأحقاب الزمنية البعيدة يعود بعضها إلى العصر الحجري، من خلال عينات من الحجارة المصقولة من الصوان استعملها ذلك الإنسان البدائي كسلاح وجدت في مغارة غرب مدينة عمي موسى تضاف لها تلك القبور القديمة يطلق عليها العامة من الناس قبور الجهالة لتميزها عن باقي القبور بالشاهدين منحويان من شجر العرعار، منقوش عليها رموز فنيقية مماثلة لتلك الأشكال المعروفة في رأس جنات والطاسيلي والحراش وعين الصفراء، والمعروف أن الفنيقيين تجار استوطنوا السواحل، وجودهم في هذه المنطقة الجبلية المحاذية لسلسلة الونشريس من الأمور الغامضة التي تبقى تبحث عن من يكشف أسرارها. يضاف إلى هذا، تلك القصور الرومانية القديمة التي تنشر في المنطقة قدرها المؤرخ سيغان كزال بأكثر من 18 معلما، يعود تاريخ إنشائها إلى سنة 339 قبل الميلاد، مثل قصر كاوة، وبوقزولة بعمي موسى، جوغران، كتابة تامزيدة بلدية سوق الحد وتيغزا الرمكة وغيرها من القلاع التي بناها الرومان لتأمين الطريق الرابط بين بين سهل الشلف، والهضاب العليا من ثورات السكان البربر المحليين، والذين كانوا يشكلون 60 كنفيدرالية، منها كنفيدرالية بني زارغ المشكلة من سبعة عروش أولاد فلتن، أولاد العباس، أولاد علي، أولاد بويكني، أولاد موجار، الحجامة وماريوة. هذه الآثار والقصور كانت محل بحث أثناء الاستعمارية من طرف النقيب الفرنسي مارشون سنة 1859 والذي قدر عدد القلاع التي تتوسط القصور بأكثر من 100، مما دفع هذا الضابط في الهندسة العسكرية إلى إجراء حفريات كللت بالعثور على عظام إنسان وفيلة وبيض النعام بقصر كاوة، وهو الموقع الذي استخدمه الاستعمار فيما بعد كقاعدة عسكرية أثناء حرب التحرير، وهو القصر الذي نال إعجاب الوفد الكشفي الفرنسي الذي زار الموقع شهر مارس الفارط من السنة الماضية ومدير السياحة. والمتمعن اليوم في عظمة هذه التحصينات التي تتحدى الزمن رغم عبث يد الإنسان والطبيعة ليدرك الأسباب التي دفعت الرومان وغيرهم من الغزاة إلى إقامة هذه المحميات المقدمة في أدغال الونشريس ويكشف النقاب عن معالم أخرى لا تزال غامضة والتي ظهرت بين القرنين السادس والسابع شيدها عمال رومانيون وبزنطنيون كانت تمتد من الملوية إلى القطاع الوهراني.