إن ظهور التكتلات في الانتخابات ( تكتل الجزائر الخضراء ) قد يقضي نهائيا على التحالف الرئاسي، بل يكتب شهادة وفاته إن صح القول، من اجل تحقيق مشروع الدولة الإسلامية، بدليل أن جل المحللين السياسيين يؤكدون أن التحالف انتهى دوره بنجاح الرئيس بوتفليقة بعهدة ثالثة. تؤكد الكثير من الأقلام التي خاضت في الكتابة عن الظاهرة الحزبية في الجزائر أن الإنتخابات مرآة عاكسة لفكر جديد من أجل التغيير، وتخول للشعب ممارسة سيادته بكل حرية، والإعلان عن سقوط فكرة الحكم الإنفرادي أوالتسلطي، خاصة بعد توسع الحركات الثورية ومطالبة الشعوب بإسقاط الأنظمة الدكتاتورية، ولوأن هذه الظاهرة لم تكن وليدة الساعة، لأنها ارتبطت بالأوضاع التاريخية التي مرت بها الجزائر وانقسامات الأحزاب التي مهدت لظهور توجهات سياسية عديدة ( وطنية، ديمقراطية، علمانية، وأصولية تمثلت في الأحزاب الإسلامية)، ومع تطور المجتمع المدني أصبحت الدولة مطالبة بتمثيل كل الفئات في العملية الانتخابية، وفتحت الباب أمام الأحزاب للتعبير عن مواقفها، حتى الجمعيات والنقابات التي انخرطت في الأحزاب، لتكون الممثل الشرعي لهذه الأحزاب، وسمحت لها بتشكيل لجان انتخابية. لكن انعدام الرقابة، وغياب العنصر الديمقراطي في العملية الانتخابية فشلت في غرس الوعي السياسي عند الناخب، وخلقت ما يسمى بالمواطن اللاسياسي، وتحولت اللجان الانتخابية لعبة في أيدي رجال المال لشراء ذمتهم، ومن ثمة لم تعد الأحزاب السياسية حاملة لمشروع أو فكرة، ولم تعد تعطي أهمية للناخبين، كما خرجت هذه الأحزاب عن المسار الذي تأسست لأجله، حتى الأحزاب التي صنعتها الاستعمارية، والتي جاءت عبر نضال طويل متواصل، لأنها أصبحت تبحث عن " الكمّ " لا النوعية في انتقاء مناضليها ومرشحيها في الإنتخابات، وبينت التجربة السياسية في الجزائر أن سلطة رئيس الحزب غير خاضعة للنقاش أوالانتقاد، وهذه عوامل عادة ما تخلق انشقاقات في صفوف الحزب وتؤدي إلى انقسام الحزب وتشتت مناضليه، وظهور حركات موزاية بمسميات عديدة ( الحركة التصحيحية والحركة التقويمية )، ولا يخلوحزب سياسي في الجزائر لا يعيش هذه الصراعات بما فيها الأحزاب الكبيرة ( حزب جبهة التحرير الوطني وحزب التجمع الوطني الديمقراطي)، حيث انتقلت هذه العدوى إلى الأحزاب الأخرى. لم تعد الأحزاب الجماهيرية تحمل طابعا جمهوريا بعدما تبنت ثقافة المال في انتخاباتها، وأوقفت ما اصطلح عليه ب: " الشكارة" الأهداف التي تأسست من أجلها هذه الأحزاب الجماهيرية ( ج.ت.و) بتكوين الوعي السياسي عند المواطن، وحتى عند المناضل في صفوفها، ورفع مستواه السياسي، لأنها كما يقول الخبراء السياسيون همها الوحيد التقاط كل شيء، وهي عادة أحزاب المناسبات الانتخابية، بحيث لا تنزل إلى المواطن إلى في الإنتخابات، ولم يعد لحزب " النخبة " وجود، وعلى سبيل المثال فاللجان الولائية للتكوين السياسي التي أسسها الحزب العتيد على مستوى قواعده النضالية كانت مجرد حبر على ورق، بحيث لم تقدم هذه اللجان بدورها المنوط بها في تأطير المناضلين، خاصة الجدد منهم، ولقيت هذه اللجان عدة انتقادات من قبل المناضلين، الذين أصبحوا يعانون من "البيروقراطية الحزبية"، وخلقت هذه الأخيرة مناضلا سلبيا. أحزاب التحالف الرئاسي من القمة إلى القاع وإذا كان التحالف الرئاسي الذي جاء نتيجة انتخابات 05 جوان 1997، هو الفضاء الذي التقت فيه أحزاب ثلاثة وهي ( حزب جبهة التحرير الوطني التجمع الوطني الديمقراطي، وحركة مجتمع السلم)، لتمثل أحزاب السلطة أوعلى الأقل موالية لها من جهة، وحماية المشروع الديمقراطي في الجزائر ومسار تحوله من جهة أخرى، وهي مباردة حرة كما قال الدكتور محمد بوضياف من أحزاب استوعبت الدرس القاسي الذي تلقته الجزائر خلال عشرية كاملة من الدم والمأساة، فقد عاش موتا بطيئا، منذ انسحاب حركة مجتمع السلم منه، وكتب شهادة وفاته بعد تشكيل الحكومة الجديدة، وخروج الأمناء العامّون لهذه الأحزاب منها، الكثير من الكتابات تشير أن فشل التحالف الرئاسي في الجزائر سببه أن الخط الفكري للأحزاب التي تشكل التحالف مختلفة كون التيارات الثلاث مبنية على طابع ( ديني، وطني وديمقراطي الذي هوتيار علماني محض )، وهذا الأخير يتفق مع تيارات أخرى لها نفس الإيديولوجية، مثل الأفافاس، الأرسيدي وحزب العمال، وأحزاب أخرى هي في طريقها إلى الزوال، مثل الحركة الديمقراطية الاجتماعية ( الأم دي أس) التي تحصلت في تشريعيات 17 ماي 2007 على مقعد واحد في المجلس الشعبي الوطني، على أساس أن الأحزاب العلمانية والتي يطلق عليها البعض اسم الأحزاب الديمقراطية من أشد المعارضين للتيار الإسلامي والأصولية، ويدعوإلى القطيعة مع النظام والتيار الإسلامي، وربما هذه الأسباب التي جعلت أبوجرة سلطاني زعيم التيار الإسلامي ( الإخواني ) يقرر انسحابه من التحالف بعد 15 سنة من تأسيسه، ويشير الملاحظون السياسيون أن انسحاب حركة مجتمع السلم جاء متأخرا، بعد صعود الإخوان المسلمين في مصر الى الحكم. ومن هنا بدأت أحزاب التحالف الرئاسي في الجزائر تعيش الموت البطيئ، ولم يعد الحديث عنها في الساحة السياسية أوعبر وسائل الإعلام، دون الفصل في الملفات والقضايا الإستراتيجية التي كانت تربط بينهم والتي من شأنها أن تدفع بالبلاد خارج خطوط الأزمة والمساهمة في استقرارها، ولم تعد لخطابات زعماء التحالف أي اثر، ومنه خطاب الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني عبد العزيز بلخادم الذي ذكره الدكتور محمد بوضياف، وكان بلخادم قد أكد في كلمته بمناسبة التوقيع على وثيقة التحالف بفندق الأوراسي في 16 فيفري 2004 : " أن التكامل لا يقتصر على الإنتخابات الرئاسية فحسب، بل سيستمر ليعزز العمل الجماعي الذي بدأه التحالف منذ سنوات"، مضيفا بالقول: " إننا نريد من هذا التحالف أن يرتقي ليصبح قطبا بالمفهوم الواسع للوطنية، وأن يكون نصرة للحق وأداة لتحقيق الإصلاحات" ، في حين راي ابوجرة سلطاني رئيس حركة مجتمع السلم : " أن التحالف الرئاسي ما هوإلا صورة مكررة لإئتلاف 1999، وهوما يبرر فشل المرشح لرئاسيات 2004 علي بن فليس، لأن أحزاب التحالف كانت تعتبر بلخادم الممثل الشرعي للأفلان ودعمته على كل المستويات، رغم التناقض بين سلطاني وأويحي. علجية عيش "الآفلان".." الأفنال" و"الأفانا" قد تخلط أوراق الناخبين أحزاب تحجز قاعات دون تنظيم تجمعات شعبية وتجاوزات بالجملة بعاصمة الشرق شهدت الحملة الانتخابية بعاصمة الشرق في أسبوعها ما قبل الأخير الكثير من التجاوزات مثل تمزيق صور المترشحين وعمليات التشطيب لوجوه مترشحين غير مرغوب فيهم، وبخاصة المسبوقون قضائيا والمعروف عنهم بالأخلاق السيئة، الأمر الذي جعل بعض الأحزاب تتريث في تعليق صور مرشحهيا، إلى غاية الأسبوع الأخير من الحملة الانتخابية، مثلما أكده ممثل حزب الجبهة الوطنية للحريات "اف ان ال"، أنه يخشى من تعرض صور مترشحي حزبه للتلف، بسبب هذه التجاوزات، وفي ظل هذه الشروط التعجيزية التي وضعتها الجهات المسؤولة وتأخرها في جمع ملفات المترشحين، لم تتمكن العديد من الأحزاب السياسية الجديدة الدخول في المجالس البلدية، مثلما هو الشأن بالنسبة لحزب الجبهة الوطنية للحريات الذي يترأسه محمد زروقي، لم يتمكن من دخول جميع بلديات الولاية ال: 12، حيث دخل حزب زروقي بولاية قسنطينة في المجلس الشعبي الولائي فقط. ورغم ترقيم الأحزاب المرشحة فإن التشابه بين أسماء الأحزاب المرشحة مثل ( الأفلان، الأفنال والأفانا، وأسماء أخرى تبنت شعارات الحربة والعدالة ) تشكل للمترشحين هاجسا كبيرا من توزيع أصواتها وفقدان عدد المقاعد، والملاحظ كذلك أنه ومنذ انطلاق الحملة الانتخابية في الرابع من الشهر الجاري أي بعد مرور أسبوعين ما تزال العديد من اللوحات شاغرة، كما شهدت الحملة العديد من التجاوزات، وتلاعب بعض الأحزاب المرشحة، حيث عمدت هده الأخيرة إلى حجز القاعات لمدة 24 ساعة دون تنشيط لقاءات أوتجمعات، وهو ما كشفه مسؤول من المركز الثقافي عبد الحميد ابن باديس ( كلية الشعب سابقا) وحرمت أحزاب من تنشيط تجمعاتها الشعبية. وللعلم فإن عدد النساء اللاتي ترشحن للمجالس المحلية بولاية قسنطينة بلغ 655 امرأة من مختلف الأعمار والمستويات، منها 185 امرأة في قوائم المجلس الشعبي الولائي، من بين 728 مترشحا، و470 امرأة للمجالس البلدية من مجموع 1872 مترشحا، والمجموع الإجمالي للمترشحين 2600 بين البلدي والولائي، وهذا من أجل الفوز بمقعد لهن في المجالس الشعبية المحلية، والمساهمة في تفعيل التنمية بالولاية وطرح انشغالات المواطن، وعملت مديرية التنظيم والشؤون العامة بولاية قسنطينة على توفير الأجواء المناسبة للمترشحين من خلال تسخير 50 مكانا من القاعات والساحات العمومية لتنشيط الأحزاب المرشحة حملتها الانتخابية، مع وضع 363 لوحة إشهارية لتعليق صور مرشحيها. وقد بدت مواقف المواطنين متناقضة، بين مؤيد للانتخابات ومعارض لها، بحكم أن النتائج الأولى ستكون محسومة لصالح أحزاب معينة، وهي حزب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، والبقية من الأصوات ستتوزع بين تكتل الجزائر الخضراء، وحزب تواتي وجبهة القوى الاشتراكية، وأمام برودة الجوبولاية قسنطينة،، فإن الحملة الانتخابية بدت أكثر برودة، حيث علق أحد المواطنين من الشباب قائلا: " لم يعد المناخ ملائما لممارسة السياسة، لأن المسؤولين الذين منحناهم أصواتنا قتلوا فينا الحس السياسي بفعل وعودهم الكاذبة"، فيما صرح البعض أنه لا يملك بطاقة انخراط.