رداءة في "الحراس" وارتجال في "قهوة سادة" أثارت مسرحية "الحراس" للمسرج الجهوي لبجاية استياء الجمهور الذي خرج من منتصف العرض، في الوقت الذي لم يكمل فيه النقاد والضيوف العرب العرض وفضّلوا الانسحاب منه بمجرد انطلاق بدايته الضعيفة. ويدور موضوع المسرحية، المقتبسة عن رواية الكاتب الصحفي الطاهر جعوط التي تحمل نفس العنوان، حول شاب جزائري اخترع آلة للنسيج، لكنه لم يلق الدعم من الجهات المسؤولة، ووجد بالمقابل عوائق كبيرة من الإدارة البيروقراطية. كما تطرق النص إلى مجاهدين استغلوا مناصبهم في مراكز السلطة، لقتل طموحات الشباب، إضافة إلى طرح موضوع تزوير وثائق للحصول على لقب "مجاهد". استعان المخرج ومقتبس النص، عمر فطموش، بين الحين والآخر بمقاطع من الرواية، لم توظف في محلها، وجاءت كأداة مساعدة لإيصال مشاعر وأحاسيس، عجز البطل محفوظ عن إيصالها إلى الجمهور. كما استعان فطموش بلوحات غنائية، وزعها على طول العرض، لم يكن توظيفها مبررا. كما لم يساعد العرض بقدر ما أخرجه من مجال العمل المسرحي إلى حفلة موسيقية بسيطة، لا ترقى حتى إلى مستوى الحفل الاستعراضي. بأداء ضعيف جدا بالنسبة لكل الممثلين الذين لم يكونوا بمستوى الاحتراف شعار المهرجان المخصص للأعمال المسرحية المحترفة، قدم العمل الذي كان تكريما للكاتب الطاهر جعوط، والذي لم يستوف عناصر المسرح المحترف، وكان أقرب إلى مسرح الهواة. لتفتح مسرحية "الحراس" النقاش المستمر حول ماهية الاحتراف، والتفريق بين الممثل المحترف من الهاوي، وعن خلفية مشاركة أعمال هاوية ضعيفة في مهرجان للمسرح المحترف، في الوقت الذي يبرهن فيه الكثير من الهواة المنتمون إلى جمعيات وفرق خاصة، عن احترافيتهم في فضاءات أخرى، بعيدا عن ركح المسرح الوطني والمسارح الجهوية. من جهة أخرى، قدم طلبة ورشة الارتجال والتمثيل المسرحي في مسرح مركز الإبداع الفني بمصر، مسرحيتهم "قهوة سادة" التي كانت عبارة عن مجموعة من السكاتشات، تناولت مواضيع اجتماعية وفنية في مصر. وبدوره، لم يرق العمل إلى العرض المسرحي، كما لم يقدم أي صورة عن المسرح المصري، وكان عملا ارتجاليا قائما على مجموعة من المواقف المضحكة، عبّرت عما يعيشه المجتمع المصري من انفلات على مستوى القيم الفنية، والاجتماعية والدينية. ومرة أخرى، تقع إدارة المهرجان في فخ سوء التنظيم والاختيار، باختيارها لعمل ارتجالي كي يمثل بلدا عربيا رائدا في مجال المسرح، في مهرجان محترف وفي دورة خاصة بفلسطين والقضية العربية، وتخصص له أموالا لاستقبال الطلبة الممثلين في العمل، في الوقت الذي لا يحظى فيه كبار الممثلين الجزائريين بهذا الاستقبال في مهرجانات عربية أخرى.