لأن "الشغل لمليح يطوّل"، فقد طال علينا كل شيء حتى الأمل، فالبنوك لازالت تكدس ملفات كاملة مستوفية كامل الشروط لنصف مليون شاب، دون أن تعطي إشارة بالموافقة أو الرفض هذا تصريح أحد خبراء الاقتصاد وربما تنتظر هذه البنوك أن يصير الشباب كهولا ويبلغوا سن الحكمة كي تفرج عن مشاريعهم، أو حتى يموت نصفهم في البحر لتستفيد هي من نصف الاستثمارات لجيل جديد، قادم من منطلق "الشغل لمليح يطوّل". ولأن هذه العبارة صارت قاعدة في كل التعاملات الإدارية، فما على المواطن سوى الخضوع لهذا الوضع الذي يلزمه الصمت والعودة بعد انتهاء عطلة الصيف، كي تسوى وضعيته الإدارية. لكن بعد الصيف يأتي رمضان مباشرة، وبالتالي ستعلق لافتة أخرى في مختلف المصالح مكتوب عليها "عد بعد شهر التوبة والغفران"، لتضيع معاملة دقائق أو ساعات في شهور وسنوات، وحين ينتهي شهر الصوم تعود مصالحنا الإدارية إلى المماطلة ودورتها الحياتية التي لا تخرج منها والبيروقراطية التي جعلت نصف الشعب يكلم نفسه، والباقي مصابا بالسكري وارتفاع الضغط، لتأتي هذه الإدارة في الأخير تحصي عدد المرضى والمجانين بدقة متناهية، لكنها مع الأسف تعطي استنتاجات مضحكة في موت البعض بالسكتة القلبية والدماغية ومخاطبة الذات والضحك عليها في الشوارع. عام بشهوره وأيامه، يقضيه المواطن في تحصيل معاملة إدارية من أجل استفاء "شروط" السيدة الإدارة، وحين يتمم المواطن كل إجراءاته ويتنفس الصعداء يقال له "رانا في عطلة، أرواح بعد رمضان". وبعد كل هذا، تستغرب بعض الهيئات الرسمية لماذا يموت هذا المواطن بالسكتة القلبية وكل الأمراض التي تجعل الديك حمارا، لأن فقط "الشغل لمليح يطوّل"، وحين يطول لن ينال هذا المواطن سوى الريح، وطبيعي جدا أن يتمنى البعض لو كان حمارا لا يفهم شيئا.