ارتفاع تكاليف الأعراس يؤجل إقدام الشباب لدخول القفص الذهبي عكس ما كانت عليه في الماضي حسب ما تجري به العادات والتقاليد على التكفل بالأفراح من طرف أصحابها الذين غالبا ما يتدبرون شؤونها في أوقات سابقة وبالقدر الكافي يمكنهم من ضبط تكاليفهم مهما تنوعت لتقام الأعراس في أجواء بهيجة تحت نفقات ذات مصادر لها علاقة بالمحيط الاجتماعي خاصة ما تعلق منها بطابع الدخل الأسري، وهذا بالنظر إلى طابع المنطقة باعتبارها منطقة فلاحية يعتمد عليها في الزواج وغيرها من ضروريات الحياة، إلا أنه في الآونة الأخيرة وفي ظل صعوبة القدرة الشرائية أمام تدني أوضاع الأسر وما لها من مؤثرات من البطالة التي تشكل أكبر نسبة في أوساط الشباب الذين باتوا عاجزين على سد تكاليف قوتهم مما خلق فيهم عدة انحرافات التي تكاد لا تنقطع ولتصنع يومياتهم "البومات" حافلة بالمأساة في ظل غياب الوعي لديهم في الحياة الكريمة إلى درجة أن تفكيرهم في الزواج لدى الكثير منهم بات مستحيلا. لتتصاعد العنوسة في أوساط الفتيات ويتقدم السن لدى الشباب. ومن ثم تنكشف الآفة الاجتماعية وتستبدل مواسم البهجة والفرح بما قد يضع الأحلام في الأذهان نحو غد أفضل يرتسم أساسيا بالولوج في عالم الحياة الزوجية، ولتبقى تلك مجرد أحلام تراود الشباب دون تفعيل واقعها أو المبادرة من طرفهم من أجل البحث عن السبل الناجعة لتحقيقها، ولعل ما يعكس ذلك هو ذاك الفضاء المميز الذي تحتضنه دار الثقافة وكل المحلات وسط المدينة من خلال ما تعرضه من فساتين للعرائس في هذا الموسم الخاص بالأفراح. أين يظل القائمون عليها ينتظرون طوال اليوم قدوم المحظوظين والمحظوظات لكن دون جدوى في غياب الإقبال عليها رغم ما تتوفر عليه من جمال يسحر الناظر، وفي الأسعار ما يروق ويعجب الزبون فلها في نسب في التخفيضات تترواح أسعار كرائها بين 1000 و 7000 دج، ما يسمح بشرائها أو كرائها واللذان يظلان غائبين ليبقى ذلك سؤالا، وهو ما حاولنا الكشف عنه من خلال ما أجريناه من حديث مع أصحاب هذه المحلات، حيث أرجعها العديد منهم لعدة أسباب منها غلاء المعيشة وغلاء المهور، بالإضافة إلى العادات المكلفة للأفراح من غير فائدة والبعض الآخر أرجعها إلى ما حل بالمنطقة من جفاف الذي أثر سلبا على دخل الأسر مما أدى إلى عدم الإقبال على هذه الفساتين والأزياء التي تحمل ذوقا وطرازا سوريا عالي الجودة بالرغم من أسعارها والتي هي حسب ما رأيناه في متناول الجميع، إذ قدر أدنى سعر للكراء ب 1000 دج وأعلى سعر ب 7000دج وذلك بمراعاة نوعية وجودة القماش والخياطة على حد سواء، هذا بالمقابل نجد من حاورنا في أوساط العازبات أن لهن حديثا آخر وقاسمهن المشترك وهو أسفهن عن تبذير الأموال والحديث بالنسبة إليهن عن العرس أمر يثير الرعب، إذ يرون في مثل هذه العروض للأزياء وفساتين العرائس أمر آخر يثير الأحلام في اختيار ما يجعل العروس في غاية من الجمال ويمنح لها تقديرا وفخرا لأسعد يوم أو ليلة في حياتهما - لكن لا مفر بالنسبة إليهن من الأمر الواقع فحتمية الظروف الاجتماعية أقوى من كل الاعتبارات، ويبقى الإقبال عند المقدرة لا يتجاوز كراء فستان زفها إلى بيت قرينها، وذلك يبقى بين أبعد الحلول في ظل قائمة الأولويات في الأعراس والتي لها في الاختيار جانب هام، حيث الظفر بها بالنظر إلى معايير الموضة لسكان المدن والتي كثيرا ما تتغنى به بعض العازبات في ظل تأرجحهن بين أصالتهن وما هي عليهن من حضارة لاتزال وجهتها لا تعرف استقرار لمنبعها الأصلي، لتبقى بالنسبة إليهن مجرد تحقيق حلم كثيرا ما يبقى بعيد المنال، كما كانت هناك مؤثرات لا تختلف عما أوردناه، خصوصا وأن معيار أزمة الزواج مثال حي تحتضنه كل محلات الفساتين الخاصة بالعرائس أين حضرت الفساتين وغابت العرائس.