أكدت السيدة صليحة الأخضري، رئيسة مصلحة التنشيط والمراقبة بمفتشية العمل لولاية الجزائر، ل "الأمة العربية"، أن ظاهرة عمالة الأطفال أصبحت الآن بمثابة قنبلة موقوتة تهدد نسيج وكيان المجتمع الجزائري، إذ تزداد حدة في فصل الصيف الذي يعرف ظهور عدة نشاطات يمارسها الأطفال يسترزقون منها ،ترتكز أساسا في "التجارة" إن صح التعبير أو بصفة أدق تضيف ذات المتحدثة بيع المواد الغذائية. وتشير دراسة قامت بها الهيئة الجزائرية لتطوير الصحة وترقية البحث، أن عدد الأطفال العاملين بالجزائر قد بلغ إلى غاية 2008 ما يعادل مليون طفل عامل، ويزيد هذا العدد ب 800 ألف أيام العطل والمناسبات. كما أحصت المنظمة الدولية للعمل إلى غاية نهاية 2008، ما قدره 218 مليون طفل عامل عبر العالم، 150 مليون منهم إناث و53 مليون منهم معرضون لأعمال خطيرة. ومن جهتها، صرحت حسيبة بيطاطاش مفتشة رئيسية بمفتشية العمل، أن الأطفال العاملين خلال العطل ينتشرون بكثرة في الجهة الغربية للعاصمة، وبالضبط في كل من سيدي فرج، زرالدة وسطاوالي، مؤكدة أن الجزائر قد صادقت على مجموعة من المعايير التي أرستها منظمة العمل الدولية والتي تهدف في أساسها إلى مكافحة ظاهرة عمالة الأطفال، وهي لتفاقيتان دوليتان سنتي 1983 و2000 والميثاق الإفريقي لحقوق الطفل عام 2003. وبالرغم من أن المشرع الجزائري قام بسن تشريعات وقوانين تهدف إلى وقاية ومكافحة عمل الأطفال من خلال منع توظيف من تقل أعمارهم عن 16 سنة، إلا في حالات عقود التمهين، منع العمل الليلي لكل من يقل سنه عن 19 سنة، معاقبة أرباب العمل بغرامة مالية تصل إلى 4 آلاف دج أو الحبس 3 أشهر، إلا أنه وللأسف هذه الظاهرة لا تزال منتشرة ببلادنا، خاصة لدى القطاع الخاص. وبمناسبة اليوم العالمي ضد عمالة الأطفال الذي أصبح يوما عالميا يحتفل به منذ عام 2002، وللحد من هذه الظاهرة، قامت كل من مفتشية العمل وديوان الشباب لولاية الجزائر بتنظيم أيام تحسيسية على مستوى المخيمات الصيفية بسيدي فرج، وذلك تحت شعار "لنحمي أطفالنا من الشوارع"، هذه التظاهرة التي تدخل في إطار نشاطات اللجنة الوطنية بين القطاعات للوقاية ومكافحة عمالة الأطفال، والتي تهدف عن طريق التنسيق بين القطاعات، منها قطاعي الشباب والرياضة والعمل والضمان الإجتماعي، إلى نشر الوعي على مستوى هذه الشريحة من المجتمع. وبمخيم المقراني بسيدي فرج، كانت الفرصة مواتية للتعرف على هذه الظاهرة، ليس في الجزائر فحسب، بل أيضا بجبهة البوليزاريو، حيث يضم المخيم 147 طفلا منهم 75 من الصحراء الغربية، هؤلاء الذين عبّروا ل "الأمة العربية" عن قساوة الظروف التي يعيشها الأطفال هناك تحت رحمة الإحتلال، مؤكدين على تفشي ظواهر أخرى تساهم من قرب في تعزيز ظاهرة عمالة الأطفال، كالتسرب المدرسي الذي يتم في سن مبكرة، أي في مرحلة الإبتدائي، كما أن ظروف الفقر والجوع تدفع بالأطفال إلى ممارسة أعمال شاقة لا تتلاءم وبنيتهم الجسمية الضعيفة، وأيضا إنتشار الأمية خاصة وسط الفتيات اللواتي يفضلن رعي الإبل والأغنام من أجل مساعدة الأهل على سد بعض النفقات، في حين يفضل الذكور ممن بلغوا سن 15 سنة التوجه إلى المناطق العسكرية أو ما يعرف بالنواحي وحمل السلاح والإنخراط في الجيش والتدريب من أجل محاربة المستعمر.