طرقات مغنية، الغزوات، ندرومة، صبرة، 35، بني مستار... لا يكاد يمر يوم إلا وتشهد حوادث مرور خطيرة ومميتة نتيجة للسرعة الجنونية التي يستعملها المهربون بعربات منتهية الصلاحية، هذه الحوادث عادة ما يروح ضحيتها أناس أبرياء ذنبهم الوحيد أنهم سلكوا هذه الطرقات. وآخر فصول هذه الحوادث، كان نهاية الأسبوع الماضي حينما إصطدم "حلاب" وهو يقود شاحنته بسرعة مفرطة، بسيارة إسعاف على مستوى الطريق الوطني رقم 98 الذي يربط تلمسانالمدينة بدائرة الغزوات، وقد تسبب الحادث في إصابة شخصين، أحدهما جروحه بليغة، وتعرضت سيارة الإسعاف التي لم تكن تقل أيّ مريض إلى أضرار كبيرة. كما أن لتهريب الوقود سلبيات وخسائر مادية جمّة يتكبدها الإقتصاد الوطني، إذ أن الجزائر تستورد ما قيمته 500 مليون أورو من المازوت سنويا وتبيعه في الأسواق الجزائرية دون التسعيرة الدولية، بالإضافة إلى التوقف شبه المتكرر لوسائل النقل والآليات وكثرة الطوابير التي يتسبب فيها "الحلابة" أمام محطات الوقود، والتي غالبا ما تشتكي خزّاناتها من نقص المازوت. وللإحاطة أكثر بهذه الظاهرة التي تعرفها بعض مناطقنا الحدودية، إقتربنا من بعض "الحلابة" الذين لم يروا مانعا من التّكلّم عما يعتبرونه عملا شريفا حسبهم يسترزقون منه نظرا لغياب فرص عمل حقيقية يستطيعون من خلالها توفير قوت يومهم وأولادهم، حيث أكد لنا "ك.ع" أن ما يتحصل عليه في شهر بأكمله كعامل في البناء أو النجارة أو البستنة، يحققه في يوم واحد نظير تهريبه للوقود نحو المغرب، إذ يجني من خلال صفيحة مازوت واحدة 3000 دج، وهو ما يقوم به عادة المهربون ثلاث مرات في اليوم الواحد، هذا إذا استخدموا سيارات من الحجم الصغير والتي عادة ما تكون من نوع "رونو 25"، "رونو 21"، و"مرسيدس" وسيارات "الإكسبريس". أما الشاحنات المقطورة ونصف المقطورة، فقد يكون دخلها أكثر بكثير من السيارات النفعية سابقة الذكر. أما "ل.م" صاحب محل للمواد الغذائية، خصّص سيارته من نوع "مرسيدس" لتهريب الوقود، أسند قيادتها لأجير له مقابل 1000 دج في اليوم. كما أن هناك عديد الأشخاص من ميسوري الحال اتخذوا من التهريب حرفة لهم، لأنهم كما يقول بعضهم هذا العمل لا يتطلب جهدا كبيرا، وبالمقابل يدر مالا كثيرا. وقد تم في الآونة الأخيرة زيادة عدد نقاط المراقبة على الشريط الحدودي بين الجمهورية الجزائرية والمملكة المغربية، وهو ما ساهم في تراجع التهريب بأنواعه نوعا ما، لكن الأمور لا تبعث على الإرتياح.