تمر بعد يومين 75 سنة على مرور انتفاضة المسلمين ضد اليهود، في ولاية قسنطينة والمعركة الدموية التي أسفر عنها سقوط العديد من الموتى، و ذلك بتاريخ 05 أوت 1934، عندما تعرض مسلمو قسنطينة للإهانة بسب رسولهم وشتم عقيدته وربه داخل بيته، من قبل يهودي وهو المدعو "خليفي الياهو"، و قام بالتبول داخل المسجد تعبيرا عن إهانته للمقدسات الإسلامية وسميت بذلك بانتفاضة سكان قسنطينة ضد اليهود. جاءت هذه الانتفاضة عندما قامت ثائرة المصلين الموجودين داخل المسجد، فقدموا شكوى أمام الشرطة الفرنسية بحي" رحبة الصوف"، التي طمأنتهم بأنها ستعاقب اليهودي على فعلته ولكنها لم تفعل مما شجع اليهود إلى معاودة اعتدائهم بسب الدين و الرسول، و لكن هذه المرة رفقة زوجته ومجموعة من اليهود، وتطور السب إلى قذف بالحجارة، ودخل الطرفان في اشتباك عنيف، وكان الاستعمار الفرنسي قد زود اليهود بالسلاح، إندلعت هذه المعركة في 05 أوت 1934، وجدد اليهود اعتداءاتهم بمسجد سيدي الكتاني في" رحبة سوق العصر" في وسط "حومة اليهود"، وهنا أعلنت حالة الحصار ومنع المرور إلا برخصة مرور، وهذا إن دل على شيء فهو يدل على الحقد الدفين الذي يبيته اليهود للمسلمين. ولتهدئة الوضع تم استدعاء الشيخ عبد الحميد بن باديس من قبل مدير الشرطة، ومطالبته بتهدئة الناس فكان رد الشيخ إبن باديس إنه في مثل هذه الحالات التي تمس فيها كرامة المسلم و إهانة دينه ورسوله الكريم لا مهادنة، ثم اجتمع الشيخان إبن باديس وبن جلول بالآلاف من المصلين في جامع "الكبير" الكائن مقره حاليا بشارع العربي بن مهيدي "طريق الجديدة"، وتمكن الرجلان من تهدئة الوضع، وأطلق الشيخ إبن باديس على هذه المعركة إسم "فاجعة" قسنطينة، وإن كانت الهزيمة الكبرى لليهود بسقوط ما يزيد عن 120 يهودي، و شيع اليهود قتلاهم في جنازة حضر اليهود من مختلف الولاياتالشرقية كعنابة وسكيكدة وجيجل وباتنة وسطيف، بالآلاف وساروا من" رحبة الصوف" إلى مقبرة الأمير عبد القادر "الفوبور" ، في الوقت التي شيعت فيه جنازة المسلمين في سرية تامة بأمر من الشرطة الفرنسية. شهدت هذه المرحلة ميلاد أول حزب سياسي جزائري هو حزب نجم شمال إفريقيا برئاسة مصالي الحاج، وبعث نجم شمال إفريقيا وفدا بقيادة محامي للدفاع عن الجزائريين، وبعد استقلال الجزائر فضل اليهود مغادرة التراب الجزائري و الهجرة إلى فرنسا، وعاد القليل منهم إلى إسرائيل، الغريب في الأمر وحسب المصادر التاريخية أن اليهود مازالوا يحنون إلى المدينة التي سكنوا فيها ويأملون بالعودة إلى ديارهم والاستقرار فيها، وزيارة موتاهم،علما أنه ما يزال حوالي 11 ألف و200 يهودي، مدفونون بقسنطينة، إلى اليوم ويزيد عدد المسيحيين المدفونين بالولاية عن 8000 مسيحي ، فضلا عن وجود 41 قبرا جماعيا بهذه المقابر، وتحظى مقابرهم بعناية فائقة من قبل السلطات المحلية، وهو الرقم الذي كشفته مديرية الشؤون الدينية والأوقاف لولاية قسنطينة في الأشهر الماضية من السنة الجارية. وحسب المصادر التاريخية فإنه خلال الفترة الممتدة من 2005 إلى 2006 قام حوالي400 يهودي بزيارة إلى قسنطينة، منهم المدعو جون لوك علوش، وهو رئيس تحرير جريدة "ليبيراسيون الفرنسية"، شارك في إعداد البيان الختامي لمؤتمر اليهود القسنطيني الأول المنعقد في مارس 2005. كما أعقبت هذه الزيارة محاولات أخرى لقدوم المغني اليهودي القسنطيني المولد "أنريكو ماسياس" رفقة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في 05 ديسمبر 2007، و هي الزيارة الأولى له، لمسقط رأسه في مدينة قسنطينة، بعدما غاب عنها مدة نصف قرن تقريبا، وكانت الحكومة الفرنسية تعتقد بأن الزيارة ستلقى ترحابا كبيرا من قبل سكان مدينة قسنطينة، وأنهم سيستقبلون المغني اليهودي أحر استقبال، مثلما حدث مع اليهودي حملاوي مكاشرة وزير قدامى المحاربين في الحكومة الفرنسية، للرئيس جاك شيراك، والذي كان في قائمة المطلوبين لدى الجزائر بتهمة خيانة الثورة" عند زيارته إلى مدينة وهران في 2003 ، لكن ماسياس أدرك معارضة أبناء قسنطينة لهذه الزيارة، راجع لمواقفه المعادية لثورة التحرير الجزائرية، فهو واحد من الحركيين (عملاء فرنسا) الذين خانوا الجزائر"، إضافة إلى "كونه واحدا من أشد المعادين للقضية الفلسطينية والداعمين للصهيونية العالمية،" خاصة بعد ترأسه حملة تبرعات لصالح إسرائيل بعد حربها على لبنان صيف 2006، و كانت النتيجة أن ألغى هذا المغني زيارته رفقة الرئيس الفرنسي لما أدرك أنه غير مرغوب فيها في قسنطينة، التي طالما بكى عنها و ذرف من أجل رؤيتها دموعا، و يزعم اليهود في الوقت الحالي أن لهم ممتكلات تركوها يوم غادروا الولاية، وآن الأوان لاستعادتها، وقد سبق وأن فتحت الجهات المطالبة بحق العودة إلى الديار، الملف في مؤتمرها الأخير و طالبت الحكومة الجزائرية،بتعويض العائلات اليهودية عما تركوه من خيرات وممتلكات، عندما غادروا الجزائر بعد الاستقلال، والتي قدّروها ب 144 مليار دولار، تأتي هذه الذكرى في الوقت الذي يقف سكان المدينة وقفة حسرة على الوضع الذي آلت إليه مدينتهم وما لحقها من خراب بعد ترحيلهم من أجل تحقيق مشروع عودة اليهود، من خلال زيارة ساركوزي إلى حي المنصورة لتفقد الأحياء اليهودية رفقة الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في ديسمبر 2007 و مشروع " ناطحات السحاب "، و الذي هدم أعرق حي من أجله شارع رحماني عاشور "باردو".