رغم أن رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة حثّ في غير ما مناسبة بفتح المجال للمواطن من أجل أن يكون على دراية بما يحدث في بلده، ورغم أن قانون الإعلام واضح في تسهيل وتيسير العمل للصحفيين وإعطائه المعلومة لينقلها للناس، إلا أن واقع تعامل الكثير من الجهات مع أسرة الإعلام لا يعكس الخطاب والتوجهات ويكشف عن حقيقة وجوه لمسؤولين وشخصيات لا تعرف التعامل مع وسائل الإعلام، ومنهم من يفضح نفسه أمام الصحفيين وبالمجان. مكلفون بالإعلام لا يعلمون إن الدور الحقيقي الذي يلعبه المكلف بالإعلام هو أن يكون في تواصل دائم مع وسائل الإعلام المختلفة ويكون وسيطا إعلاميا بين الهيئة التي كلفته بالإعلام وكل من يريد أن يستفسر عن أمر من المصلحة، إلا أن ما يحدث عندنا يبدو غريبا جدا، حيث تجد مكلفين بالإعلام لا يعلمون شيئا عن المصلحة التي يشتغلون فيها، وأحيانا يتهربون بطريقة دبلوماسية أو عدم الرد أو قطع الخط. مكلف بالإعلام في الوزارة يكذب على المباشر في اتصال مع أحد المكلفين بالإعلام على مستوى إحدى الوزارات، يرد عليك هذا الأخير أنه في الشارع ولم يدخل المكتب بعد، ويطلب منك أن تعاود الاتصال به بعد وقت معين، وحين الاتصال به يطفئ هاتفه أو يتركه يرن بلا رد، ولأن حبل الكذب قصير- كما يقولون- فلم يدم كذبه حين أعدنا الاتصال به في اليوم التالي وأخبرنا أنه في الشارع، ولكن ما أن ختم جملته حتى رن هاتف مكتبه ليصل دويه إلى الجهة الأخرى فبهت الذي كذب وأغلق الخط. مكلف بالإعلام لدى حزب كبير: لدي اجتماع اتصلوا بي بعد نصف ساعة لأن الانتخابات على الأبواب، فالأكيد أن كل صحفي يحاول أن يعرف آخر التطورات في المداومات والمستجدات على مستوى الساحة السياسية واستطلاع الآراء المختلفة، لكن أحد الأحزاب الكبيرة، رغم أن المكلف بالإعلام فيها كان صحفيا ويعرف جيدا معنى العمل الإعلامي إلا أنه يتعامل بطريقة تشبه كثيرا طريقة "شاهد ماشفش حاجة"، ودون أن يخوض معك في التفاصيل يطلب منك أن تتصل به بعد نصف ساعة لأنه في اجتماع، وحين تتصل تجد الهاتف مقفلا أو لا يرد عليك بالمرة. الصحفيات أكثر حظا من الصحفيين بعض المسؤولين لا يرتاحون إلا لصوت أنثوي وكأنهم محتاجون للحنان كما يقال، فما أن يكون المتصل صحفية حتى تنفرج أسارير المسؤول ويتقيأ كل ما عنده من أخبار، لكن إن كان المتصل صحفيا فلا تصب بخيبة إن قال لك فلان إنه مشغول، أو في اجتماع، لذا على أي صحفي متمرس في الميدان ويحب الوصول إلى المعلومة التي هي من حقه قانونا أن يستعمل أنثى ليمرر أسئلته ويحصل على مبتغاه، هذا ما حدث قبل أسابيع مع أحد السفراء الذي لم تستقل دولته بعد، حين اتصل به أحدهم من أجل إجراء حوار فرد سعادته أن الأمر لا يتم بهذه الطريقة وعليه أن يقدم طلبا للسفارة، وعليه الانتظار أيضا ريثما ينظر سعادة السفير في الطلب ويقيّم نوع الصحفي ونوع الأسئلة وربما حتى لونه وشكله وهندامه، وكأن سعادة السفير تتلهف عليه الصحافة لتجري معه حوارا، وهذا ما فهمه الصحفي من أن طلبه مرفوض، لكن الذي حدث أن نفس الصحفي أعطى رقم السفير لصحفية معه، اتصلت بالسفير لتسأله عن قضايا شعبه وقضايا مصيرية فوجدت نفسها تكتب دون عناء لأن سعادته كان يملي عليها حرفيا وبهدوء، وقبل أن تقفل الخط قال لها: "باب السفارة مفتوح وأنا تحت أمرك في أي وقت تشائين". جمعيات مجهرية لا تحب الصحافة رئيس جمعية في جنازة لا تنتهي لا يشذ رؤساء بعض الجمعيات عن قاعدة بعض الأحزاب والمسؤولين، ربما لأن رؤساء الجمعيات يوجد في بطونهم التبن فيخشون من أبسط شرارة إعلامية. رئيس جمعية يقول رئيسها إنها خيرية، تعنى بأمور "الحراڤة" في إسبانيا، كلما اتصلنا به يتأسف عن عدم الرد لأنه في جنازة، كنا سنهضم الأمر لو حدث الأمر مرة أو مرتين لكنه يحدث في كل مرة، لذا نتمنى ألا يعيد الأمر مرة أخرى حتى لا تتحول كذبة الجنازة البيضاء إلى جنازة حقيقية، وإن شاء الله تكون الكذبة القادمة أنه في حفل زفاف حتى تجلب له كذبة من هذا النوع حظا جميلا. نقابة البياطرة والوجه الآخر يتميز مسؤولو تنظيم البياطرة بظاهرة غريبة لا تحدث إلا في أفلام الجوسسة، أو الأفلام البوليسية، فالمسؤولون عن النقابة إذا ما أرادوا افتعال مشكل مع وزارة الفلاحة، يمررون بيانات إلى وسائل الإعلام المختلفة، وحين يتم لهم الأمر يقفلون هواتفهم أو يرفضون الرد على كل الاتصالات، لأن مهمتهم انتهت، وهي اتخاذ بعض الصحفيين جسرا لنقل ما يريدون دون أن يقدموا للصحفيين معلومة يشرحون فيها وجهة نظرهم تجاه قضايا تخص قطاعهم. ولعل آخر ما حدث مع نقابة البياطرة، هو اللقاء الذي انعقد بين الوزارة الوصية والنقابة، إلا أن "رؤوس النقابة الكبار" أغلقوا هواتفهم ولم يقدموا أي تصريح عن فحوى هذا اللقاء، كأنه لقاء سري يخص إنشاء مفاعل نووي، وليس قطاع البيطرة! شخصيات وطنية فرضت الاحترام على الجميع إن كانت هناك شخصيات ومكلفين بالإعلام لا يعلمون أو يتهربون أو لهم نقص في شخصيتهم، فيوجد بالمقابل شخصيات أخرى محترمة فرضت احترامها على الجميع بمصداقيتها وثقافتها العالية وتواضعها الذي جعلها محبوبة لدى كل من يتعامل معها من قريب أو من بعيد. عمي السعيد المكلف بالإعلام بجبهة التحرير الوطني شخصية محبوبة ومصدر ثري للمعلومات من يعرف "عمي السعيد" من قريب أو من بعيد يشعر بتلك الطيبة التي يحملها قلب الرجل، وبغض النظر عن ثقافته فهو لا يبخل عنك في شيء من حيث المعلومات ومتحكم في عمله ويعلم كل شاردة وواردة عن الحزب العتيد وما يدور في الساحة الوطنية والدولية، وربما يظل "عمي السعيد" من القلائل جدا الذين يسهل التعامل معهم، وله علاقات طيبة ومميزة مع كل الصحفيين ولا يبخل عنك بالمعلومة سواء اتصلت به عن طريق هاتفه الخاص أو بطريقة ما، ويبسط لك الأمور، فتشعر أنه يقرأ أسئلة الصحفي قبل أن يطرحها عليه. وحتى في تواصله مع الصحفيين ولو بعيدا عن السياسة وقضايا الحزب، يعرف "عمي السعيد" جيدا كيف يكسب ود الصحفيين ويجعل منهم يعملون بالطريقة التي يريدها هو.. وبهذه الطريقة فرض "عمي السعيد" احترامه على الجميع بفضل تواضعه وثقافته الواسعة التي حببت فيه الجميع. محمد جمعة المكلف بالإعلام بحركة مجتمع السلم ثقل المسؤولية والالتزام بالواجب محمد جمعة واحد من المكلفين بالإعلام القلائل الذين لا يبخلون عن الصحفيين بأي معلومة ويتعامل مع كل الملفات التي تخص الحركة بحكمة، ورغم الانشقاق الحاصل في بيت الحمسيين بين جماعة مناصرة ورئيس الحركة، إلا أن جمعة كان دائما تحت تصرف الصحفيين من ناحية المعلومة وتوضيح الأمور رغم أن قضية الانشقاق شائكة ولا تحتمل أي خطأ، ونادرا ما يعتذر المكلف بالإعلام للصحافة لانشغالات شخصية أو حزبية، ولكن يبقى الرجل شخصية تعرف كيف تؤدي واجبها جيدا اتجاه المناضلين في حزبه والرأي العام الوطني. وإن كنا أخذنا "عمي السعيد" و"محمد جمعة" كعينة عن المكلفين بالإعلام والشخصيات التي تعرف تسيير ملفاتها، فهذا لا يعني أنه لا يوجد آخرون يقومون بنفس الدور اتجاه الأسرة الإعلامية، خاصة على مستوى الوزارات والمصالح المختلفة، وإنما الأمر راجع لتجدد الأحداث الوطنية التي تخص الحزبين والتزام الرجلين بواجبهما اتجاه الأسرة الإعلامية. محمد واحدي (مدير بوزارة الصحة) مستعد دائما لتقديم كل ما هو متعلق بقطاعه ما يثير في محمد واحدي، مدير الصحة، هو عدم إقفاله لهاتفه النقال حتى أثناء الاجتماعات الرسمية. والأكثر من هذا، أنه يرد على الصحفيين أثناء اجتماعاته بطريقة دبلوماسية، طالبا منهم الاتصال بهم في موعد يحدده هو، ولن يتأخر عن الموعد الذي يحدده، ليعطيك بعدها كل ما تريد عن قطاع الصحة، لتكتشف أن الرجل متمكن بشكل كبير ولا تفوته واردة أو شاردة في كل ما تعلق بالوقاية الصحية عبر كافة أرجاء الوطن.