مَثل جزائري معروف "ضربني بكى، سبقني واشتكى"، هو حال الإعلام المصري اليوم، فحالة التعصب والتحريض التي عاشها لأسابيع عدة قبل مباراة مصر من خلال قنواته الفضائية والتي خلقت شحنة قوية كانت آثارها جلية في حادثة الإعتداء على لاعبي المنتخب الوطني وكذا على الأنصار رجالا ونساء، ها هو اليوم يحاول أن يعكسها على الجزائر إعلاما وشعبا متهما الإعلام الجزائري هو الآخر بالتعصب والتحريض، فعن أي إعلام يتحدثون؟ الجزائر لا تملك إلا قناة تلفزيونية حكومية واحدة فقط، انبثقت عنها قنوات تابعة لم يتجرأ أي صحفي فيها أن يتحدث بسوء عن مصر أو المصريين، وإن كان كذلك فهاتوا برهانكم إن كنتم صادقين، وحتى الصحفية الجزائرية وسيلة بعطيش التي غطت مباراة مصر والتي تعرضت للضرب على المباشر وعلى مرأى الملايين، لم تذكر الحادثة أثناء استضافتها في نشرة الثامنة، إذ تحدثت عن شؤون الفريق والمقابلة ولم تشر إلى الاعتداء لا من قريب ولا من بعيد، في حين لا تزال القنوات الفضائية العربية الأخرى تعرض تعليقات الإعلاميين المصريين التي شتموا من خلالها الجزائر دولة، رئيسا وشعبا، بل وحتى شهداء الثورة التحريرية لم يسلموا من الإهانة، ولا يزال هذا الإعلام يواصل مهماته القذرة، وآخر خرجاته النصائح التي أسداها مشكور مسبقا مقدم برنامج "دائرة الضوء" على قناة "نيل سبور" للسودان محذرا من عنف وطيش الأنصار الجزائريين، قائلا لهم "لقد كسروا فنادقنا ومطارنا... فاحذروا من أن يقوموا في السودان بما قاموا به عندنا"، في حين لم يجد زميله في برنامج "الصفحة الأخيرة" على قناة المحور إلا التهجم على الإعلاميين الجزائريين ووصف حالهم بحال أنصار بلدهم وأنهم غير متفقين فيما بينهم ولا يوجد إطار نقابي يوحدهم، مدعيا وجود خلافات حادة داخل نقابة الصحفيين الجزائريين، زاعما أنه حاول الإتصال بها، لكن لكثرة الأجنحة المنشقة عنها لم يجد جهة مسؤولة يتحدث إليها. أفرحت صور مناصرة الأشقاء الفلسطينيين في غزة للخضر، بالرغم من الأوضاع الأمنية هناك وخروجهم إلى الشارع مع الجزائريين، وهو الأمر الذي دفع بأنصار الفريق الوطني إلى رفع الأعلام الفلسطينية جنبا إلى جنب الأعلام الجزائرية، وكذا هتافات الأنصار بحياة فلسطين ونصرة القضية الفلسطينية. وتنتشر عبر أحياء العاصمة أعلام فلسطينية كبيرة الحجم معلقة بشكل ملفت للإنتباه، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على تآزر وتلاحم الشعبين، ليس فقط على المستوى السياسي، بل حتى على المستوى الرياضي كذلك. تشهد بلديات ودوائر العاصمة حالة اختناق شديد بسبب الإزدحام الكبير لاستخراج الوثائق على مستوى البلديات وازدحام أكبر على مستوى الدوائر من أجل استخراج جوازات السفر، الأمر الذي وقفت عليه "الأمة العربية" بدائرة الحراش أين تحولت كل الشبابيك إلى شباك واحد خاص بجوازات السفر، فلا بطاقة تعريف ولا بطاقة رمادية ولا غيرها، الوثيقة الوحيدة المتوفرة هي "جواز السودان"، كما اصطلح عليه بمقر الدائرة. الجميع اغتنم الفرصة لاستخراج جواز سفر في أقل من 24 ساعة، سواء بالنسبة للمغادرين نحو الخرطوم أو للإنتهازيين ممن سيتابعون المقابلة في الجزائر على شاشة التلفزيون، كيف لا وهي فرصة من ذهب. فبعد أن كان جواز السفر يستخرج في فترة من شهر إلى شهرين، أصبح بفضل السودان يستخرج في أقل من 24 ساعة... فصدق أو لا تصدق! نصح الكابتن أحمد شوبير، حارس المرمى الأسبق للمنتخب المصري والإعلامي الرياضي البارز بتلفزيون الحياة 2، المصريات بعدم السفر إلى السودان لحضور مباراة الجزائر مصر، وبرر شوبير حديثه هذا بأنه تلقى أوامر من جهات عليا مسؤولة في الدولة أو كما قال من فوق لتوجيه نداء على المباشر إلى جميع المصريات بعدم التنقل إلى الخرطوم خوفا على سلامتهن وأمنهن من أنصار الخضر، معتقدين أن هؤلاء سيثأرون للاعتداءات التي تعرضت لها الجزائريات في القاهرة وانتهاك الحرمات الذي أصابهن على يد الأشقاء المصريين. بالرغم من المساندة القوية التي أبدتها دول المغرب العربي، وخاصة تونس والمغرب، للجزائر خلال مباراة مصر عبر فضائياتها وبرامجها وكذا المساندة الشعبية، لا يزال الموقف الليبي غائبا عن الساحة المغاربية، سواء أكان الموقف الشعبي أو موقف الإعلام، إلا أن الإعلامي الليبي حازم الكاديكي عبّر عن موقفه وصرح علانية على الفضائيات المصرية بأنه يساند مصر حتى النخاع وتمنى فوزها من صميم القلب ب 4 مقابل 0 وإقصاء الجزائر من التأهل للمونديال، وعبّر عن حبه الشديد وتعاطفه مع مصر والمصريين. وعندما سأله الصحفي بأنه ليبي ومن المفروض أن يساند الجزائر، أجاب الكاديكي بأن زوجته مصرية ويعتبر نفسه مصريا، لأن نصفه الحلو كما قال مصري.