أكد، أمس، عبد الحميد مهري أحد أعمدة الثورة التحريرية أن استقلال الجزائر كان على يد أبنائها الذين ضحوا بالمليون ونصف مليون شهيد من إخوانهم. وقال المتحدث إن دور أشقاء العرب كان مقتصرا على المساندة السياسية والمادية للثورة التحريرية، حيث قدموا آنذاك ما عليهم من مجهودات للجزائريين، وهذا خلال الندوة الصحفية التي نظمها منتدى المجاهد بالتنسيق مع جمعية مشعل الشهيد حول مؤسسات الثورة التحريرية. ودعا مهري الذي يشغل حاليا منصب رئيس المؤتمر القومي العربي الجزائريين، إلى التمعن أكثر في تاريخهم والعمل على تناوله بكل موضوعية وشفافية، حتى ولو فيه نوع من الجوانب السلبية التي اعتبرها المتحدث تصرفات فردية لا مجال لتعميمها. وأكد عبد الحميد مهري أن الثورة التحريرية الجزائرية من أرقى الثورات العالمية، والتي تركت صدى كبيرا في العالم بأسره، داعيا الجزائريين إلى عدم الحياء بتاريخهم العريق وأن لا يتركوا مجالا للغرباء للتشكيك فيه. ومن جهة أخرى، أكد المجاهد أن هناك نوعا من الخلط في تاريخ ميلاد الدولة الجزائرية، فمعظم المؤرخين يشيرون إلى أن ميلادها كان في سنة 1962، في حين أن الإعلان الرسمي لها كان في 19 مارس 1962 بعد أن اعترفت بها أكثر من 35 دولة، بما فيها الإتحاد السوفياتي. وفي هذا السياق، قال رئيس المؤتمر القومي العربي إن الدولة الجزائرية بدأت علاقاتها الدولية منذ 1952، حيث عقدت اتفاقيات دولية وتبادلت رسائل الاعتراف، كما كان لها تمثيليات في مختلف المحافل الدولية آنذاك، رغم عدم اعتراف فرنسا بوجودها، موضحا في ذات الوقت أن الدولة الجزائرية هي تلك التي ولدت من رحم الثورة التحريرية سنة 1952، وليس التي حققتها اتفاقيات إيفيان 1962. كما ذكر المجاهد خلال مداخلته، أن مؤسسات الثورة التحريرية استطاعت أن تلم شمل الجزائريين، بما فيه القيادة السياسية بمختلف اتجاهاتهم واختلافاتهم، كما راعت في قيمها أوضاع المجتمع الجزائري وأخذت في عين الاعتبار عامل العمل الجماعي وربط العلاقات مع المغرب وتونس، وغيرها من الدول في العالم العربي، مؤكدا في ذات الوقت أن جل هذه المؤسسات كانت الثمرة الأولى لقيام الدولة الجزائرية. أما في شأن التاريخ الحقيقي لتاريخ قيام الدولة، فأشار مهري أن معظم المؤرخين أشاروا إلى أن ذلك كان حتى قبل دخول فرنسا إلى الجزائر 1830، أين كان نظام الدايات قائما وكانت الجزائر تقيم علاقات وتبرم اتفاقيات وتعلن الحروب بفضل السيادة التي كانت تملكها.