يتحدث المدافع القوي صاحب هدف التأهل للمنتخب الوطني، عنتر يحيى، في هذا الحوار مع "الأمة العربية" عن التأهل الذي عاد به مع "الخضر" في المباراة الفاصلة ضد المنتخب المصري، وما حدث لهم في مباراة القاهرة والاستقبال الذي خصوا به من طرف الشعب الجزائري وكذا رئيس الجمهورية في قصر الشعب، بالإضافة إلى تفاؤله الكبير بشأن الفوج المتواجد فيه المنتخب الوطني في نهائيات كأس إفريقيا المقررة في أنغولا شهر جانفي القادم... * في البداية، مبروك لك ولكل الشعب الجزائري التأهل للمونديال... ** الحمد لله الذي وفقنا وأنصفنا واستطعنا أن نحقق حلمنا وحلم كل الشعب الجزائري بتحقيق التأهل الذي جاء بشق الأنفس للمونديال العالمي. * ماذا يمثل لك هذا الإنجاز شخصيا؟ ** في الحقيقة هذا الإنجاز جاء بفضل المجهودات المبذولة منذ 6 سنوات تقريبا، أي منذ كأس إفريقيا 2004 بتونس، وعليه فإن المجموعة الحالية تقريبا كانت نفسها آنذاك، لذا أعتبر هذا جنيا للثمار وأنا شخصيا فرحتي لا تكاد توصف، لأن بلد المليون ونصف المليون الآن في المونديال رغم أنف الجميع. * كيف ترى المشوار الذي قطعتموه قبل لعب المباراة الأخيرة أمام مصر في القاهرة؟ ** في بداية التصفيات حقيقة لم نكن من بين المرشحين لبلوغ المونديال، وهذا بسبب وجود المنتخب المصري في مجموعتنا. وبما أنه صاحب اللقبين الإفريقيين الأخيرين، فقد كان المرشح الأول، لكننا لم نشك أبدا في إمكاناتنا، لذا لعبنا المباريات بكل رجولة واستطعنا أن نحقق المركز الأول الذي حافظنا عليه حتى الجولة الأخيرة. وأنا شخصيا أرى أن فوزنا في زامبيا كان المنعرج الحاسم الذي أهلنا للمونديال. * وماذا عن تضييعكم للتأهل في المرة الأولى في القاهرة؟ ** كنت واثقا أن التأهل إلى المونديال في القاهرة صعب، ولولا الاعتداءات التي تعرضنا لها في القاهرة لحسمنا التأهل هناك دون انتظار المباراة الفاصلة، كما أن المصريين لم يكونوا نزهاء معنا وأرادوا استهدافنا بشتى الطرق، شنوا علينا حربا شرسة قبل اللقاء وأرادوا ضرب كياننا.. قالوا إننا لسنا جزائريين، وقالوا إننا لا نعرف النشيد الوطني ووصفونا بأقبح الألقاب ولم نتأثر. وعندما تأكدوا أن كل الوسائل التي انتهجوها لم تكبح إرادتنا، لجأوا إلى عمل دنيء لم يكن في الحسبان، عندما اعتدوا علينا وأسالوا دماءنا وكأننا في حرب، وحتى أنصارنا تعرضوا إلى أبشع اعتداء، وكل هذا أعطانا قوة إضافية وإصرارا كبيرا على الفوز ودفع ثمن كل قطرة دم جزائري سالت في القاهرة، فكانت المباراة الفاصلة ساعة الحساب بالنسبة للمصريين. * أغلب الإعلام المصري تحدث أن حادثة الحافلة كانت مفتعلة، ما تعليقك؟ ** الله شاهد على ذلك، لقد ظلمونا واللاعبون تأثروا كثيرا واندهشوا لما يحدث، خصوصا وأن المنتخب كله عاش ضغطا رهيبا منذ وصوله للقاهرة. صدمونا كثيرا وهددونا وكانوا يقولون علينا إننا إرهاب، وما حدث لنا كان أكثر. أما أن الحادث مفتعل، فمن غير المعقول أن نصيب اللاعبين بأنفسنا، فنحن لاعبون محترفون ولا يمكننا القيام بهذه الأمور، لأننا نعلم أننا في مباراة كرة قدم وليس في السينما. * بعد مباراة القاهرة، ألم تروا أنكم فقدتم فرصة التأهل؟ ** لا بطبيعة الحال، لأننا كنا على دراية أن ما حصل لنا نحن اللاعبين والأنصار في القاهرة ليس من أخلاقيات كرة القدم، وانهزامنا جاء بفعل الضغط الرهيب الذي مورس علينا منذ أن وطأت أقدامنا مصر، التي جعلتنا نحس وكأننا في أفغانستان. وعلى هذا، فإن المباراة الفاصلة التي كانت تنتظرنا في الخرطوم علقنا عليها آمالا كبيرة للظفر بها مهما يكن. * كيف كانت الأجواء في السودان؟ ** الاستقبال كان رائعا في السودان من طرف أنصار السودان أو من طرف مسؤوليهم، ونحن اللاعبون كنا نعتقد أن الأمر سيكون مثل القاهرة للامتداد الجغرافي والحضاري كما يصرحون، لكن الشعب السوداني كان رائعاً والسلطات السودانية قدمت لنا كل التسهيلات منذ دخولنا، لذا أتقدم بالشكر الجزيل لأنصار السودان ولسلطات السودان على هذا الاستقبال والتسهيلات الرائعة. * وماذا عن رؤية جمهوركم وهو يتوافد بقوة على الخرطوم؟ ** فيما يخص هذه النقطة، أقول لك بصراحة، بعد سماعنا بما حصل لأنصارنا في القاهرة من اعتداءات وهمجية عليهم، وما حدث لنا أيضا نحن كلاعبين، وبعد تضييعنا التأهل في الدقائق الأخيرة، ظننا أن الجمهور لا يأتي للخرطوم نظرا لبعد المسافة، بالإضافة إلى قرب المسافة بين مصر والسودان التي تحتم توافد الجماهير المصرية بكثرة على هذا البلد. لكن بفضل سيادة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة الذي قدم تسهيلات للجمهور، ظننا وكأننا في الجزائر، وهذا ما كان ينقصنا نحن كلاعبين، ألا وهو دعم الجماهير القوي الذي يزيد دفعا نحو الأمام. * وعندما جاء لمناصرتكم في الحصة التدريبية... ** فيما يخص توافده القوي للحصة التدريبية الثانية، وحتى الثالثة، حينها أدركنا أننا سنهزم الفراعنة مهما كلف الأمر، لأنك عندما ترى أن الأنصار تعرضوا لشتى وسائل القهر في مصر ويقطعون مسافة أكثر من 4000 كلم، تدرك أنهم يعشقون منتخبهم ويعشقون كرة القدم، لذا لا يمكن تخيبهم وقطعنا على أنفسنا عهدا بأن نحقق التأهل للمونديال، لأن اللاعب رقم 12 الآن معنا وبقربنا. * كيف كان شعورك عندما دخلت أرضية الميدان؟ ** الجمهور أعطانا دعما بسيكولوجيا كبيرا ولم نشعر أننا في ملعب محايد، وهو الدعم الذي كنا بحاجة إليه، لأن المصريين ظنوا أن السودان كلها ستكون معهم والجزائريين لن يتنقلوا لبعد المسافة.. أشكر بالمناسبة رئيسنا على المبادرة التي قام بها بنقل الأنصار لدعمنا، وما صنعه الجمهور الجزائري قبل، بعد وأثناء المباراة من لوحات فنية وطريقة التشجيع. أقسم بالله أنها طريقة غير عادية ولم أشاهدها في حياتي حتى في الملاعب العالمية. * ومع مساندة الجمهور، أكنتم تنتظرون تحقيق الفوز؟ ** نعم، لأنه بفضل هذا الدعم الكبير لجمهورنا الذي أعطانا الثقة عادت الروح لكامل المجموعة، فاستطعنا التسجيل وخلقنا عدة فرص سانحة للتسجيل وكلنا جميعا ندافع ونهاجم في نفس الوقت، وأظهرنا روح التضامن في ما بيننا ولم ندع المنافس يبني لعبه وأغلقنا عليه جميع المنافذ، كما أن الهدف الذي سجلته جاء في الوقت المناسب. * على ذكر الهدف الذي سجلته، كيف كنت في موقعة مهاجم وأنت مدافع محوري واستطعت التسجيل؟ ** فيما يخص الهدف الذي سجلته والذي جاء بفضل الله، صحيح أنني مدافع محوري ومهمتي تغطية المنطقة الخلفية وإيقاف المهاجمين، لكن هذا لم يمنعني من مساندة رفقائي في الهجوم، لأنني كما تعلمون أحسن اللعب بالرأس في الكرات العالية والثابتة، لذا كانت لي أول فرصة بعد كرة ثابتة أخرجها المدافع للركنية، والفرصة الثانية بعد تمريرة زياني والعمل الكبير الذي قدمه غزال في تغطية المدافع وائل جمعة، كانا سندا في تسجيلي بقذفة قوية لم يرها الحارس الحضري كيف دخلت، وحتى لو يأتي بوفون لا يصد تلك الكرة التي سددتها، وعليه فإن هذا الهدف يعتبر الأغلى والأحسن في مشواري الكروي. * دار صراع كبير بينك وبين المهاجم عمرو زكي الذي تكفلت بحراسته.. فهل ترى أنك تفوقت عليه؟ ** عمرو زكي أراد استفزازي في المباراة، لكنني حافظت على تركيزي طيلة المباراة وتركته يعاني معي. وما دام أن فريقنا توصل إلى فتح باب التسجيل، وهو لم يستطع الوصول للمرمى ولو لمرة واحدة، يعني ذلك أنني تفوقت عليه وكذلك الحال بالنسبة لبديله زيدان الذي لم يسعفه الحظ هو الآخر للتسجيل، والحظ كان في بعض الأحيان لجانبه بعد خروجي مضطرا بسبب الإصابة. تفاديت الرد عليه، لكن بحثت عنه عقب نهاية اللقاء للرد على الكلمات الجارحة التي كان يتلفظ بها، فوجدته جاهشا بالبكاء مثل بقية زملائه وأنصار منتخبه. * خرجت متأثرا بإصابة وتركت مكانك لزاوي سمير، أترى أنه أدى مهامه؟ ** لقد تأثرت بالإصابة التي كنت أعاني منها قبل لعبنا المباراة الأولى أمام مصر في القاهرة، حيث كنت أخضع لعلاج مخصص من طرف طاقم طبي أوروبي واستطعت أن أكون جاهزا في القاهرة ولعبت المباراة. رغم إحساسي بالآلام أثنائها. أما بالنسبة للمباراة الفاصلة، فلم أستطع إكمال المقابلة، وهذا لتأثري الشديد بالآلام وتركت مكاني للمدافع الصلب زاوي سمير الذي أقول حقيقة أدى دوره كما ينبغي الحال ودخل فيها مباشرة واستطاع أن يصد كرات صعبة في منطقة ال 18 مترا، لذا أنوه كثيرا بالدور الذي قدمه زاوي. * على غرار اللاعب زاوي الذي كانت مشاركته احتياطيا في هذه المباراة.. كيف ترى المردود الذي قدمه حسان يبدا والحارس شاوشي فوزي في أول مباراة؟ ** آآآه.. ما عساني أقول عن الحارس شاوشي! في الحقيقة هو لاعب غير عادي بالنسبة لي، حارس من الطراز الرفيع وأقول لكم إنه منحنا ثقة كبيرة وكبيرة جدا نحن رباعي الدفاع منذ بداية المباراة، حيث صرح لنا أيضا قبل بدايتها بأن ندخل للعب ونسجل و"الشبكة مضمونة". شاوشي حقيقة كان من بين مفاتيح الفوز في تلك المباراة بفضل تدخلاته الموفقة في كل مرة، بالإضافة إلى نرفزته للاعبي المنتخب المصري في كل مرة يتدخل فيها. أما بالنسبة لوسط الميدان حسان يبدا، فهو الآخر أدى دورا كبيرا في الاسترجاع وكان خليفة للموشية المعاقب. وكما تعلمون، فإن يبدا هو الآخر لعب لأحسن وأكبر الأندية الأوروبية، لذا خبرته وحنكته فوق الميدان ساعدتنا كثيرا في تحقيق التأهل للمونديال. * تأهلتم للمونديال.. كيف كانت الأجواء بعد نهاية المباراة؟ ** بعد إعلان الحكم السيشيلي لنهاية المباراة وتأهلنا الرسمي لمونديال جنوب إفريقيا 2010، لم أصدق الأمر في البداية وأحسست وكأنني أطير فوق السحاب، لأننا استطعنا أن نعيد أمل الكرة الجزائرية التي انطفأ بريقها واستطعنا إعادة هبة الكرة الجزائرية أيضا، وإفراج الأنصار الذين دعمونا كثيرا منذ بداية التصفيات التي لم نكن مرشحين فيها، لكننا أثبتنا أننا الأقوى وتأهلنا بكل جدارة واستحقاق. وبالعودة إلى الأجواء التي كنا عليها نحن اللاعبون، فهي لا توصف أبدا من كثرة الفرحة، فلم ننم بتاتا تلك الليلة وكنا ننتظر فقط الدخول لأرض الوطن لمشاركة شعبنا فرحة التأهل الذي كان له يدا فيها. * عدتم إلى أرض الوطن واستقبلتم من طرف شعبكم ورئيسكم السيد عبد العزيز بوتفليقة، كيف كان الاستقبال؟ ** عند عودتنا إلى أرض الوطن أحسسنا وكننا خلقنا من جديد، خصوصا عندما وطأت أقدامنا الأرض الجزائرية التي مات عليها الشهداء الأبرار. الاستقبال في بادئ الأمر من طرف الأنصار لم يكن عاديا، فخروج الملايين منهم إلى الشوارع وانتظارنا للتحية، لخير دليل على فرحتهم بمنتخبهم، وهو ما كنا نطمح إليه بزرع البسمة وإعادة الهيبة لهم. وعند وصولنا لقلب العاصمة، عندها أدركت أن الشعب الجزائري فخور بوطنه وبشهامته وبحريته ويستحق التأهل وأكثر من ذلك. وفيما يخص استقبال الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، فقد كان هو الآخر فريدا من نوعه، لأننا أحسسنا بأننا قدمنا أكبر هدية لرئيسنا الذي كان فخورا بنا لدرجة أنه غنى وغنى معنا مطولا. * دار حديث بينك وبين سيادة الرئيس عند المصافحة... (يضحك).. الكل كان يريد أن يعرف ما دار بيني وبين سيادة الرئيس عند المصافحة، لا تخافون، فلن أكون الوزير القادم... لا، الحديث دار حول اسمي عنتر الذي عجب كثيرا الرئيس بوتفليقة والذي شبهني بعنتر بن شداد المكافح وأنا عنتر يحيى قاهر الفراعنة. * في رأيك، من هم المساهمين في تأهل المنتخب للمونديال؟ ** في الحقيقة، تحقيقنا التأهل للمونديال الإفريقي ساهم فيه الكثير من الرجال الذين يحبون وطنهم، فأولهم سيادة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي وفر كل الإمكانيات، والرجل الثاني كان رئيس الاتحادية الوطنية السيد روراوة محمد الرجل الحديدي الذي وقف على كل كبيرة وصغيرة هو وأعضاء مكتبه من أجل السير الحسن لبلوغ المونديال، والرجل الثالث كان المدرب الشيخ رابح سعدان وطاقمه الفني والطبي الذين هم أيضا أدوا دورهم وتحمّلوا الضغط الذي مورس عليهم، بدون أن ننسى الدور الكبير الذي ساهم فيه أنصارنا. * ستكونون في شهر جانفي على موعد مع نهائيات كأس إفريقيا.. هل تعتقد أنكم في مجموعة سهلة؟ ** لا توجد مجموعة سهلة، لأن كل المنتخبات التي تأهلت إلى هذه المنافسة قطعت مشوارا طيبا في التصفيات. كما أن مستوى المنتخبات الإفريقية تحسّن كثيرا ونحن متواجدون في فوج يضم البلد المنظم أنغولا وكذا منتخب مالي الذي يضم لاعبين محترفين في أوروبا. هذه المنافسة هي محطة تحضيرية بالنسبة لنا قبل نهائيات كأس العالم، وسنحاول قطع مشوار مشرّف لتأكيد قوة المنتخب الجزائري وعودته القوية إلى المحافل الدولية. وصراحة، أنا متحمس لخوض هذه التجربة، وعلينا أن نحافظ على ديناميكية الفوز السائدة في الفريق. * ستمثلون القارة الإفريقية والعرب في كأس العالم.. هل ترى أنه بإمكانكم الذهاب بعيدا في مونديال إفريقيا؟ ** الحديث عن ذلك سابق لأوانه، ويجب التحضير الجدي لهذا الموعد الهام قبل الذهاب إلى جنوب إفريقيا، ونعلم أن الأمور ليست سهلة، لكن أنا واثق بأننا سنشرّف الكرة الإفريقية والعربية، ونؤكد للجميع أننا لم نسرق التأهل من المصريين، لذا إعطاء وجه مشرّف للكرة الجزائرية والعربية أمانة في أعناقنا. * كلمة أخيرة... ** أشكر كثيرا جريدتكم "الأمة العربية" على هذا للحوار الشيق، كما أتقدم بالشكر لكل من ساهم في تأهل المنتخب الوطني للمونديال الإفريقي، سواء من بعيد أو من قريب، وآخر جملة أقولها هي: "وان تو ثري فيفا لالجيري".