تجددت، أمس، الانتفاضة الشعبية التي اشتعلت شرارتها صبيحة الاثنين بعدة مواقع في بلديات عنابة، سيدي عمار، البوني وعين الباردة، للمطالبة بعقود التشغيل وإدماج حاملي الشهادات وعديمي المستوى وكذا للفت انتباه السلطات المحلية إلى معاناة آلاف المواطنين بسبب أزمة السكن التي تضربهم منذ سنوات. قالت مصادر عليمة ل "الأمة العربية"، إن الحصيلة الأولية للاشتباكات العنيفة التي صاحبت احتجاجات الشباب البطال، أمس الأول، تشير إلى وجود ما لا يقل عن 10 عناصر من قوات مكافحة الشغب تحت الرعاية الطبية المركزة بالمركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد وسط المدينة، ووصفت مصادرنا حالة ثلاثة منهم بالحرجة. فيما غادر كل الجرحى من المدنيين قاعات المستشفى بعد تلقيهم الإسعافات الضرورية والعلاج اللازم. وأشارت مصادر متطابقة، إلى أن قوات الشرطة شنت حملة اعتقالات واسعة النطاق في صفوف المتظاهرين، وأوقفت أزيد من 25 شخصا بتهمة إثارة الفوضى وأعمال الشغب. ولاحظت "الأمة العربية" أن حدّة الاحتجاجات التي تجددت، أمس، خصوصا في أحياء بوخضرة وسيدي سالم بالبوني التي أفرج مجلسها البلدي عن قائمة 195 مستفيدا من السكن الاجتماعي، الأمر الذي لقي استنكار شديدا من لدن المواطنين، واصفين القضية ب "المفبركة والمضبوطة على مقاس المسؤولين" وسيدي عمار وعين الصيد بالباردة ووسط مدينة عنابة، لم تكن بالشدة نفسها التي طبعت يومها الأول. وفي المساء، كادت المياه تعود إلى مجاريها لولا بعض المناوشات المتفرقة لعدد من الشباب الغاضب على "الحڤرة والتهميش والإقصاء والمعريفة وبيروقراطية الإدارة"، وهي الشعارات التي ظل يهتف بها جميع المتظاهرين في كل مواقع الاحتجاجات، مطالبين المسؤول الأول على الجهاز التنفيذي بالنزول إلى الميدان لمعاينة واقعهم المعيش، ومجددين مطلبا قديما يقضي برغبتهم في رحيل المجالس البلدية المنتخبة على خلفية ما وصفوه ب "خيانة المنتخبين لأماناتهم ونكث عهودهم التي أطلقوها في غمار الحملة الانتخابية للمحليات الأخيرة". وانهال الغاضبون بوابل من التهم على مدير قطاع التشغيل، الذي لم يكلف نفسه عناء التواصل مع ممثليهم منذ تعيينه على رأس القطاع قبل نحو شهر، مؤكدين أن هذا المسؤول يفتقد لكل المعايير المفترض توفرها في رجال الدولة، وهو الوصف ذاته الذي أطلقه المحتجون على والي الولاية الذي ظل مختبئا خلف مكتبه، مفضلا تواصله مع مطالب الشارع عبر تسخيره للقوة العمومية، على حد تعبير مسؤولي الاتحاد الوطني لجمعيات المجتمع المدني لولاية عنابة. وإلى غاية هذه اللحظات (مساء أمس)، لا يزال الهدوء الحذر يخيم على بؤر الغضب الشعبي، بالموازاة مع تكثيف مصالح الأمن لدورياتها والتدفق الهائل لقوات التدخل السريع.