لا تزال عشرات العائلات التي تقطن على حوافي وادي مسلمون بغرب تيبازة تتجرع مآسي الغبن والبؤس، وتكابد حياة جد مزرية تحت أسقف بيوت طوبية، هشة تفتقر لأبسط ضروريات العيش الكريم، لكن ما عمق من حجم مأساتهم أخطار الأمراض الوبائية التي باتت تتربص بهم وهاجس فيضان الوادي الذي يهدد حياتهم في أية لحظة. دفعت الظروف المعيشية القاسية التي فتكت بمئات العائلات إلى النزوح من أعالي جبال بوحريز، حيونة، عمارشة وغيرها لتستقر بأحد أودية مسلمون بتيبازة، لكن يبدوأن طموحها في إحقاق حياة كريمة كباقي البشر قد تلاشى بدليل تردي وتأزم أوضاعها المعيشة التي ما انفكت تزداد سوءا يوما بعد يوم جراء تدهور الإطار المعيشي للسكان الذين يقاسون الحرمان والفقر المدقع علاوة على الانتشار الرهيب لبؤر التلوث بالمحيط حيث تبين من خلال المعاينة الميدانية ل"الأمة العربية" أن البيوت الطوبية تلك تنعدم بها قنوات الصرف الصحي ما جعل السكان يتدبرون أمورهم بحفر مطامير تقليدية للتخلص من مياههم القذرة، لكنها مع الأسف أثبتت أنها طريقة لاتجد نفعا بسبب تسرب المياه القذرة وتدفقها على سطح المحيط السكني مشكلة بركا من المياه العفنة والملوثة، تنبعث منها روائح كريهة تسد الأنفاس. كما تحولت إلى بيئة ملائمة لتكاثر شتى أنواع الحشرات الضارة وأسراب الباعوض الذي تسبب في إصابة العديد من السكان بأمراض جلدية وفطرية خطيرة ، وأينما ولى المرء ببصره إلا واصطدم بأكوام النفايات وإفرازات العائلات التي تلقى بشكل عشوائي لتحاصر المنازل من كل جهة ما أضحى ينبىء بحدوث كارثة صحية وبيئية كما باتت القوارض والجرذان تقاسمهم بيوتهم وغرفهم لتنغص من صفوحياتهم. وفي ذات السياق ذكر لنا بعض الأطفال أنهم يظطرون إلى اللعب بمحيط عفن وملوث في ظل افتقارهم لمساحات وفضاءات للعب والتسلية ما تسبب في إصابة العديد منهم بأمراض الربووالحساسية، لكن ما عمق من حجم معاناة قاطني الدوار، اخطار الوادي الذي يربضون على جناباته حيث بات هاجسهم الوحيد مع حلول كل فصل شتاء. ويؤكد بعض السكان الذين تحدثوا ل"الأمة العربية" أنهم لا يذوقون طعم النوم أيام التساقط، حيث يقضون لياليهم في حالة تاهب قصوى تحسبا لأية كوارث قد تلحق بهم وأظاف آخر بقوله انهم لم ينعموا بالاستقرار يوما منذ أن وطئت أقدامهم هذا المكان منذ بداية التسعنيات بسبب الأمراض الوبائية التي تحاصرهم من جهة وهشاشة بيوتهم التي قد تجرفها السيول العارمة في حال حدوث الفيصانات. ومع ذلك لم تشفع كل تلك المعاناة التي يقاسيها سكان الدوار في لفت انتباه المسؤولين المحليين لانتشالهم من الواقع المزري الذي يتخبطون فيه لعقود من الزمن ولم يجدوا من تفسير للوضعية الماساوية التي يحيونها سوى بقولهم أن السلطات المحلية التي لا تزورهم إلا أيام الانتخابات قد أهملتهم ونسيتهم وتجاهلت مطالبهم المشروعة والملحة في الترحيل إلى سكانات لائقة ومحترمة تليق بالبشرلتبقى جل الوعود التي قطعها عليهم ذات المنتخبين المحليين وعودا وهمية-على حد تعبيرهم- لا تجد أبدا طريقها إلى الواقع والتجسيد .