سكان مشتة بودهسة ببلدية بوشقوف، الواقعة غرب مقر البلدية بحوالي 9 كلم عن مقر عاصمة الولاية بحوالي 30 كلم شرقا حياة بدائية للغاية، مازالوا يقصدون الجبال المجاورة للاحتطاب من أجل التدفئة، ومازالوا يلجأون إلى المنبع الطبيعي الاستعماري المسمى "عين البنية" الذي يعود تشييده إلى الحقبة الاستعمارية من أجل التزود بالماء الشروب، وكل ذلك بواسطة الحمير والبغال. قصدنا المشتة المعزولة غرب البلدية والشمس تقترب من المغيب، وهناك وقفنا على معاناة لم يسبق وأن رآها أحد سوى المهللون أثناء الانتخابات البلدية، حيث تنزل عليهم قوافل المترشحين المحليين لحصد أصواتهم مقابل الوعود، وبمجرد ولوجنا أعماق المشتة التف حولنا الأهالي والسكان الذين وجدناهم في حالة من الغضب واليأس من الأوضاع المعيشية المزرية والمعقدة، فبمشتتهم تنتهي الحياة. ونحن نستمع لمجموعة منهم، حتى بدأ بعض السكان في التوافد على العين الطبيعية الموجودة بالقرب من بعض السكان بالمدخل الغربي تجاه بلدية بني مزلين، وأكد لنا أحد كبار أهالي المنطقة مع القادمين أن التزود من العين المذكورة لم يتوقف في يوم من الأيام عن عمليات الضخ الطبيعي مند العهد الاستعماري، وقال بأنها مصدرهم الوحيد، ويضيف بأن مصالح البلدية ورغم تسجيلها مشروع خزان مائي إلا أن العمليات لاتزال متأخرة، وهو ما وقفنا عليه بشكل حقيقي. وأورد محدثنا بأن عمليات التزود تتم بواسطة حمير من قبل أطفال لم يروا من طعم الحياة إلا المرارة، ورغم أن السلطات المحلية تولي اهتماما كبيرا لهذه المنطقة، لاسيما مشكلة المياه الصالحة للشرب عن طريق تزويد السكان بواسطة مضخات إلا أن هذه المبادارات تظل غير كافية بالنظر إلى الحجم المتزايد للسكان. وتحدث آخرون ل "الأمة العربية" عن انعدام الإنارة العمومية بسبب قلة أعمال الصيانة مما جعل عصابات سرقة المواشي تستهدف المنطقة من حين لآخر، ويشكل هاجس عدم تكملة مشروع قنوات صرف المياه القذرة هاجسا آخر، حيث يلجأ هؤلاء إلى الطرق التقليدية بحفر خنادق وحفر ضخمة للتخلص من الفضلات والمياه القذرة رغم المخاطر الصحية، وهنا تساؤل المواطنون عن سبب عدم تكملة مشروع قنوات الصرف من قبل السلطات المحلية. يعاني مواطنو القرية من مشكل التنقل من وإلى مقر البلدية عبر الطريق الولائي رقم 126 الرابط بين قالمة وبوشقوف بسبب التذبذب في خدمات النقل من قبل أصحاب المركبات مقابل تسعيرة يراها الكثيرون بأنها مرتفعة مقارنة بالمناطق المجاورة، وإذا كانت هذه الظروف لصيقة بالمواطن طيلة أيام السنة فإن للشتاء وجه آخر بالمنطقة، حيث يضطرون إلى جانب سكان الشارف السفر في رحلة البحث عن الاحتطاب من الجبال القريبة نظرا لعدم ربطهم بشبكة الغاز الطبيعي رغم المراسلات الإدارية المتكررة، وللشباب بالمنطقة حكاية وحكايات إلا أن مطلبهم واحد، وهو تفعيل برامج التنمية الفلاحية وتحريك مشاريع الشغل مادموا قد فقدوا في رحلات بحثهم عن العمل... هي صورة مؤلمة وواقع مرير لسكان بودهسة ذنبهم الوحيد السكن في منطقة نائية تأبى إلا أن تساير الزمن.