رئيس الجمهورية يصل إلى المركز الدولي للمؤتمرات للإشراف على اللقاء الثاني مع المتعاملين الاقتصاديين    افتتاح جناح الجزائر بالمعرض العالمي "أوساكا-كانساي 2025" باليابان    رئيس الجمهورية يشرف على افتتاح اللقاء الوطني الثاني مع المتعاملين الاقتصاديين    الأمم المتحدة : مجلس الأمن يعقد غدا الاثنين اجتماعا مغلقا حول قضية الصحراء الغربية    غزة : ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 50944 شهيدا و116156 مصابا    فلسطين: مستوطنون صهاينة يقتحمون الأقصى بحماية من قوات الاحتلال    قسنطينة: افتتاح الطبعة الأولى لأيام ''سيرتا للفيلم القصير'' بمشاركة 12 عملا    انتفاضة واحة العامري سنة 1876 ... شاهد أخر على الإبادة الجماعية من قبل الاستعمار الفرنسي    نسعى إلى تحديث آليات إدارة الأوقاف وتسييرها واستغلالها"    الصمت الدولي "جريمة موازية لا تقل بشاعة عن القتل والقصف"    محاولة فاشلة" للنيل من مواقف الجزائر النبيلة و المبدئية    على الجميع الانخراط في مسعى وطني بهدف حماية مجتمعنا    العرض الشرفي لفيلم التحريك "طيور السلام" بالجزائر العاصمة    يحي سعد الدين نايلي مديراً عاماً جديداً لصيدال    غريب يشرف على إعادة تشغيل مصنع جيكا    منظمات وطنية تُندّد بموقف حكومة مالي    تقرير جديد يوثّق تصاعد جرائم الاحتلال المغربي    إشراق شعيب تهزم البطلة الهندية بوجا بال    الكاف تراسل المولودية    الوفاق يتقدّم..    سقوط 543 ضحية في يومين بين قتيل وجريح    على خلفية نشر صور ومقاطع فيديو لعمليات الوشم مخلة بالحياء    أمطار رعدية ورياح قوية في 14 ولاية    هذا جديد ملف استيراد الأضاحي    مرّاد يجتمع بنظيره الإيطالي    مجلس الأمة: استقبال وفد صيني    عطاف يحل في زيارة رسمية بإثيوبيا    11 موقعاً جزائرياً.. نحو العالمية    بسكرة عاصمة للشِعر    عربٌ.. ولكنهم إلى الاحتلال أقرب!    عطّاف: نُواصل دعم الفلسطينيين    الطغمة العسكرية ترهن مصالح الشعب المالي    ملتقى دولي حول التراث الجزائري المخطوط    رؤية استراتيجية ومشاريع ملموسة للتحوّل الرقمي بالجزائر    فرض رسوم على إعادة بيع السيارات لوضع حد للمضاربة    هذا هو المبلغ الأقصى للسحب اليومي عبر مكاتب البريد    "السياسي" في تربص بسيدي موسى    أزمة في تونس بسبب بلايلي والترجي يهدد بالانسحاب    مدرب فينورد يدافع عن حاج موسى ويشيد بإمكانياته    السياحة بسكيكدة تتدعم بهياكل جديدة    106 مشروع لتنمية وعصرنة أربع بلديات    أزمة الهوية في الدراما التلفزيونية الجزائرية    تركيز الاهتمام على السينما الفلسطينية    رفع ملف مفصّل حول احتياجات الولاية إلى السلطات العليا    الانتهاء من تصميم أول رقاقة إلكترونية من قبل باحثين جزائريين    مجمع صيدال: تعيين السيد يحي سعد الدين نايلي مديرا عاما جديدا    فريق جبهة التحرير الوطني لكرة القدم: الصوت الآخر للثورة الجزائرية    والي العاصمة يعاين مشاريع تهيئة الواجهة البحرية    ليلة لا تُنسى بقسنطينة    الزبون "ملزم قانونا" بعدم التورط في أي شكل من أشكال المضاربة    السهر على توفير كل التخصصات الطبية بالمصالح الطبية الإستشفائة    لا حل للقضية الصحراوية إلا في إطار الإلتزام باتفاق سنة 1991    وزير الصحة يشرف على اجتماع لمتابعة مشاريع المستشفيات الجديدة ويؤكد على نظام استشفائي متعدد التخصصات    بالصبر يُزهر النصر    كفارة الغيبة    سايحي يدعو الى تسيير المصالح الطبية بالمستشفيات الجديدة بنظام إستشفائي ضمن شبكة متعددة التخصصات    الحضارات الإنسانية لا تعادي الثقافات النبيلة    الجزائر محمية باللّه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإسلام شجعه ضمانا للعفة والاستقرار مع اشتراط الأهلية الزوجية
نشر في الوطني يوم 29 - 07 - 2017

تتباين الآراء حول فكرة الزواج المبكر ما بين مؤيد ومعارض وتظل هذه القضية شاغلنا نبحث فيها بعرض معظم الآراء المختلفة وخاصة بعد زيادة حالات العنوسة وحالات الوفاة الكثيرة من جراء هذا الزواج المبكر، ويرى البعض أن الحكمة الفرعونية تقول: خذ لنفسك زوجة وأنت في العشرين والتوجه الإسلامي في عمومه يحبذ تعفف الشبان والشابات بالزواج عندما تبدو الظروف مواتية.
ولكن هل يعني ذلك أن نشجع الزواج المبكر فى جميع الأحوال؟ وما عواقب الزواج المبكر جداً قبل سن العشرين؟ وما عواقب أيضا الزواج المتأخر؟
ورغم التحذيرات الغربية من الزواج المبكر إلا أن الكثيرين قد انتقدوها مشيرين إلى أنها دعاو غربية، ومبادئ علمانية لا تناسب مجتمعاتنا الاسلامية التي تقدس الحياة الزوجية، وتدفع الشبان والفتيات نحو الزواج في أسرع فرصة، ضماناً للعفاف والاستقرار، وربما يتراءى لنا من أول وهلة أن القضية ليست جدلية إلى هذه الدرجة، وأن ما أثير حولها من خصومات وتراشقات بالأقلام كان فيه شيء من التسرع والعجلة، فحرص الإسلام الحنيف على التعجيل بالزواج وتسهيل إجراءاته ضماناً لعفاف واستقرار الشبان والشابات لا يتعارض بالضرورة مع الدعوات العقلانية للتريث والتمهيل في أخذ قرار الزواج وخلوه من المشاحنات، فضلا عن الوقاية من الأمراض العضوية والنفسية هذا ما نراه لأول وهلة،
تعتبر الأسرة لبنة من لبنات المجتمع الإسلامي التي تقوم عليها، ولذلك عني بها الإسلام أعظم عناية، واهتم بأسس تكوينها اهتماما عظيما، كما أكد على تعميق أسس ترابطها، وما يؤدي على تماسكها واستمرارها.
وبما أن الزوجان هما عماد الأسرة، وحجر الزاوية الأساس للمجتمع، فإن الله سبحانه وتعالى شرع الزواج ووضع له نظاما يحفظ به النوع البشري قال تعالى "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا".
كما وضع ضوابط أخرى لتأسيس الأسرة المسلمة، تتمثل في اختيار الزوجين اللذين سيقومان ببناء الأسرة ورعايتها، فمن هذا المنطلق يمكن إدراك أهمية موضوع زواج القاصر، وهو مصطلح حديث لأن الأصل عند الفقهاء هو زواج الصغيرة، وما يحيط به من إيجابيات وسلبيات في واقعنا المعاصر، وما حدا ببعض الدول إلى وضع قانون ضمن قوانين الأحوال الشخصية ليضيف هذا النوع من الزواج، بحيث يحدد فيه سنا معينة للزواج بالنسبة للذكور والإناث، مع عدم تجاوز القضاة الشرعيين بالسماح لسماع أية دعوى زوجية تقل فيها سن أحد الزوجين عن سن 18 سنة إلا لأسباب يراها القاضي مقنعة، أولا، رأي الفقهاء في زواج القاصرات، نعتبر تحديد سن الزواج بسن معينة من قضايا الواقع المعاصر وهي محل خلاف بين الفقهاء المتقدمين والمعاصرين على حد سواء، فقد اتفقوا على أن الزواج من حيث مشروعيته جائز ومشروع، كما اتفقوا على جواز تقييد المباح للمصلحة، واختلفوا في حكم تحديد سن معينة للزواج على مذهبين.
المذهب الأول: جواز تحديد سن الزواج وتقييده بسن معينة، وهو ما ذهب إليه عدد من العلماء والفقهاء الأجلاء منهم: فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى، الشيخ عبد المحسن العبيكان، والدكتور يوسف القرضاوي، والدكتور محمد النجيمي، والدكتور ناجي العربي، وأدلتهم على ما ذهبوا إليه من الكتاب والسنة وآثار الصحابة.
أ- من الكتاب، قوله تعالى وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ، والمقصود من قوله عز وجل بلغوا النكاح هو صلاحية كل من الزوج والزوجة للزواج وتحمل مسؤولياته وتبعاته، وهذا ما ذهب إليه العديد من المفسرين، كما ذهبوا على أن البلوغ كما يكون بالعلامات الطبيعية فكذلك يكون بالسن.
ب- من السنة النبوية الشريفة، ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النّبي أنه قال: «لا تنكح البكر حتى تستأذن ولا الثيب حتى تستأمر فقيل يا رسول الله كيف إذنها؟ قال: إذا سكتت» واستدلوا بهذا الحديث على أنه لا يجوز تزويج القاصر التي لم تبلغ خمس عشرة سنة، فلابد أن تكون بالغة راشدة حتى يتسنى أخذ إذنها ومشورتها، وذلك لا ينطبق على من لم تبلغ خمس عشرة سنة.
ما رواه ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي قال: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته".
استدل العلماء على هذا الحديث فقالوا: إن الشرع أتاح لولي الأمر اتخاذ كل ما فيه إصلاح لشأن الرعية، وفعل ما هو ادعى لحفظ المصلحة العامة، بشرط ألا يتعارض ذلك مع نص صريح في الكتاب أو السنة، فيحق له إصدار قانون بتحديد سن معينة، والحكم بعدم تزويج الصغار والقاصرات لانعدام المصلحة في الغالب، وذلك من باب السياسة الشرعية، كما وأن الواجب على الرعية السمع والطاعة لولي الأمر، لقوله تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ".
ج- آثار الصحابة، فقد استدل هؤلاء العلماء على أن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه أسقط حد السرقة عن السارق في عام المجاعة، نظرا لتغير الحال ومجاراة للواقع الذي يعيشونه، فقال رضي الله عنه "لا يقطع في عذق، ولا في عام سنة".
وهذا ليس من قبيل إنشاء حكم شرعي جديد، يحرم الحلال ويحل الحرام، بل هو من قبيل مراعاة تغير الفتوى بتغير الحال.
المذهب الثاني: قال بعدم جواز تحديد سن معينة للزواج، وهو ما ذهب إليه ثلة من علماء الفقه منهم، فضيلة الشيخ ابن باز، والدكتور احمد العسال، والدكتور مصطفى السباعي، والدكتور حسام الدين عفانة.
هؤلاء العلماء استدلوا على ما ذهبوا إليه بأدلة من الكتاب والسنة وهي:
أ- الكتاب: قوله تعالى: "وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاء قُلِ اللَهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاء الَّلاتِي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ".
وجه الدلالة من هذه الآية أنها حثت على الزواج ورغبت فيه دون تحديد سن معينة له، حيث أفادت تزويج اليتيمة وهي لم تبلغ بعد سن البلوغ، قوله جل وعلا: "أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ"، فقد استدلوا بهذه الآية الكريمة على أن الشريعة لم تضع حدا لسن الزواج، ولم يرد نص شرعي بذلك، وأن قانون تحديد سن الزواج، فيه مخالفة للنصوص الشرعية، وفيه تبديل وتعديل لما جاء في كتاب الله عز وجل من إباحة تزويج الصغار.
ب- أما ما استدلوا به من السنة النبوية، حديث زواج النّبي من أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وفيه:" أن النبي تزوجها وهي بنت ست سنين، وأدخلت عليه وهي بنت تسع، ومكثت عنده تسعا".
قالوا في الاستدلال على هذا الحديث بأنه دل بمنطوقه على أن النّبي تزوج بأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وكانت قاصرا لم تبلغ الخامسة عشر من عمرها، وبالتالي جواز تزويج القاصرات دون تحديد سن معينة، وفعله صلى الله عليه وسلم تشريع لأمته.
قال النووي في شرحه على مسلم: "وليس في حديث عائشة رضي الله عنها تحديد ولا المنع من ذلك فيمن أطاقته قبل تسع، ولا الإذن فيمن لم تطقه وقد بلغت تسعا
وأجيب عليه بأن هذا الكلام مرفوض، لأن الظروف تغيرت ومن حق الحاكم تقييد المباح، بناء على تقديره للمصلحة العامة نظرا لتغير الواقع، وفساد الزمان، وتعسف بعض الآباء، كما وأنه لابد من طاعة ولي الأمر، فهو بدوره لم يحلل حراما ولم يحرم حلالا، وكذلك للحاكم فرض عقوبات لمن تخرج على التشريع الذي سنه.
بعد عرض أدلة كل من الفريقين أرى أن ما ذهب إليه الفريق الأول من تحديد سن الزواج بسن معينة هو الراجح، مع الأخذ بعين الاعتبار أن تحديد سن الزواج يختلف من بلد لآخر بناء على الاختلاف في سن البلوغ، لأن تحديد سن الزواج تحقيق للمصلحة العامة، ودرء المفسدة المترتبة على تزويج القاصرات، ورعاية حقوق الأطفال، وذلك بمنع المتاجرة بالبنات من أجل تحقيق مصالح دنيوية، كما لا يعد هذا القانون من الأمور المستحدثة التي خالفت الشرع، بل احسبه من المتغيرات وذلك لتغير الفتوى بتغير الزمان والمكان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.