كان سكان منطقة المرجة ضواحي مدينة بوقيراط في ولاية مستغانم حيث يوجد ضريح الولي الصالح سيدي الشارف على موعد يومي الأربعاء والخميس المنصرمين مع إحياء فعاليات وعدة هذا الولي الصالح. هذه التظاهرة الشعبية والإجتماعية ذات الطابع الفلكلوري والتراثي والثقافي التي تجمع السكان والزوار من كل الجهات لما تنطوي عليه من أهمية في إبراز عادات وتقاليد المنطقة التي نراها تتجلى أكثر في مثل هذه التظاهرات الشعبية، ولعل هذا هو السر الكامن من وراء إقبال الناس بمختلف فئاتهم ومستوياتهم وأعمارهم على متابعة مختلف الأنشطة التي احتوت عليها وعدة سيدي الشارف التي كانت لها أبعاد دينية واجتماعية هذا فضلا عن أجواء الفرحة والفرجة التي وفرتها تلك النشاطات الفنية والثقافية وكذا الإقتصادية التي لم تخل منها وعدة سيدي الشارف، إذ كانت لكل الزوار فرصة المتابعة والتمتع بأجمل الأغاني وألحان الطرب البدوي واستعراضات فرق الفروسية التي شارك فيها حوالي 120 فارس من مستغانم وغليزان ومعسكر وتيارت والشلف، كما لم يفوت الحاضرون فرصة الإستماع لأنغام الغايطة والقلال التي كانت تنبعث من كل الأرجاء. وما شد الإنتباه أكثر من غيره في هذا الموعد الشعبي هو الحضور المكثف في حلقات المداح، هذا الراوي الشعبي الذي يبقى يساير الزمن رغم التحولات العميقة التي عرفها المجتمع ولاحظنا أيضا اهتمام الزوار باستعراضات الألعاب السحرية تلك الألعاب العجيبة والغريبة التي يعتمد صاحبها على الخفة ومخادعة الأبصار. وفي نفس المجال تضمنت السهرات تقديم العديد من الأغاني البدوية من طرف شيوخ الطرب البدوي الذين استهوت قصائدهم الكبار والشباب معا كونها تعبر عن الواقع الإجتماعي. وخلال الأجواء الفلكلورية وفي تلك الخيم التي انتصبت عبر أماكن مختلفة بادر سكان المنطقة بتقديم العشرات من قصع الكسكس واللحم كغذاء تقليدي لزوار المنطقة وهذه صورة حية عن الكرم والبساطة والجود وهي صفات كثيرا ما تتجلى أثناء تنظيم هذه المناسبات التش تشهد أيضا حركة تجارية تباع فيها المصنوعات التقليدية وغيرها والتي قد لا تباع في أماكن وفضاءات أخرى. وإن التفسيرات التي يتوصل إليها المهتمون بمثل هذه العادات والتظاهرات هو أن أي حدث أو مناسبة يكون عليها إقبال قوي من طرف الجمهور، فالحقيقة في ذلك هو أنها تتضمن نشاطاتها نماذج من الفلكلور والعادات والتقاليد الشعبية الممتدة جذورها في عمق التراث والأصالة الشعبية التي تبقى تشكل أعمدة الرموز الإجتماعية.