وسط حضور إعلامي كبير، وحراسة أمنية مشددة على مداخل مجلس قضاء العاصمة ، أجل الأخير فتح ملف قضية غرق سفينة بشار للمرة الثانية، إلى الدورة الجنائية المقبلة بسبب تغيب دفاع أحد المتهمين الموقوفين، في حين تقدم المتهم الموجود في حالة إفراج، وهو الملازم الأول المتابع بسبب جنوح الباخرة "باتنة" للمحاكمة دون محام، الشيء الذي اضطر هيئة المحكمة إلى تأجيل القضية بغية تعيين محام تلقائي للملازم. وافتتحت الجلسة وسط أجواء جد حزينة، صنعها أهالي المتوفين في حادثة غرق "بشار"، التي يعيد في كل مرة فتح ملفها فتح جراح ذويهم، الذين لم يتمالك الكثير منهم أول أمس أنفسهم، ولم يتوقفوا عن البكاء، وهم ينتظرون سماع أطوار الحادثة الأليمة التي وقع ليلة العيد شهر نوفمبر 2004، حيث تمت المناداة على المتهمين المتابعين على أساس جناية الوضع تحت تصرف ربان، سفينة غير مجهزة بكفاية، نتج عنها ضياع السفينة ووفاة عدة أشخاص، وجنحة إبحار سفينة انقضى سند أمنها (بالنسبة للمتهم غير الموقوف)، حيث حضر كل المتهمين، في حين سجل غياب أحد المحامين الذي كان خارج القاعة، ولم يدخل بغية الدفع بالمحكمة إلى تأجيل القضية، وقد كان من المحتجين خلال الدورة الماضية على تكليف القاضي بن خرشي اعمر المعروف بصرامته في القضايا الكبرى للفصل في الملف. وكان المجلس قد فصل سنة 2006 في القضية لأول مرة، بعد محاكمة 26 متهما من تقنيين وإداريين مكلفين بالسهر على سلامة السفن بالميناء، على غرار الرئيس المدير العام السابق للشركة الوطنية للملاحة البحرية (ك.ع)، ومدير قسم التجهيزات والشؤون التقنية بمجمع كنان (ع.م) ، والمفتش التقني بالباخرة (أ.ك) ، و (ز.ص) ، مدير التجهيزات بالبواخر الخارجية، والمدير التقني للبواخر ذات الحمولة بالتجزئة (م.س) ، والمهندس التقني المكلف بمتابعة البواخر (س.م) ونقيب ثاني للملاحة الساحلية (ح.ي) وآخرين.. وقد عادت قضية غرق سفينة بشار وجنوح باخرة باتنة الذي أدى إلى وفاة 18 بحارا ليلة عيد الفطر بتاريخ 13 نوفمبر 2004، بعد أربع سنوات من الطعن بالنقض الذي تقدم به دفاع أغلبية المتهمين أمام المحكمة العليا، نظرا للأحكام الجنائية المسلطة عليهم في سنة 2006، والمتمثلة في عقوبة 15 سنة سجنا نافذا في حق الرئيس المدير العام لمجمع لاكنان ''كوديل علي''، وأربعة من إطارات الشركة الوطنية للملاحة البحرية، على رأسهم مدير قسم التجهيز والشؤون التقنية ''عمور محند أورمضان''، المدير التقني للبواخر المتعددة الخدمات ''كمال اخدالن''، والمفتش التقني للباخرتين ''بلعباس زاوي صالح''، ومدير التجهيزات للبواخر الخارجية ''دباح مصطفى''، كما سلطت عقوبة سنتين حبسا نافذا على ربان الباخرة باتنة، وسنة حبسا نافذا في حق ميكانيكي الباخرة باتنة، وسنة حبسا مع وقف التنفيذ في حق كل من المدير التقني للبواخر ذات الحمولة بالتجزئة، المهندس التقني المكلف بمتابعة البواخر ورئيس ميكانيكي للقاطرة سيدي عبد الرحمن. ويعود سبب الغرق، حسب التقرير المنجز من طرف الدرك الوطني، إلى ''النقص الفادح في الطاقم البشري''، كما أن السفينة لا تتوفر على شهادة الحد الأدنى لسلامة التشغيل التي انقضت مدة صلاحيتها منذ 11 أوت 2004، كما سجل نقص في ضابطي السطح واللذين لم يتم تعيينهما إطلاقا، وغياب 10 بحارة من الطاقم، 5 منهم من الطاقم الأمني والذين تم تسريحهم من طرف ربان السفينة بغرض قضاء مناسبة العيد مع أهاليهم.