كشفت جلسة محاكمة كل من رئيسي مفتشية الضرائب للمرادية بالعاصمة، عن تجاوزات بالجملة عرفتها الأخيرة خلال عهدة كل من رئيسيها على التوالي بين 1992 و2009، والتي بينت عمليات المراقبة، أنه طالها التلاعب بعقود بيع عقارات، التي لم يعثر عليها، وتلاعب بالمال العام، فضلا عن غياب المتابعة لعمليات حصر مداخيل الدولة، والتحصيل الضريبي، وتجاوزات خطيرة أهدرت أموالا لم تتمكن المراقبة من حصر قيمتها، على غرار عدم متابعة وجرد العمليات الخاصة بالاستيراد والتصدير الخاصة ببعض الشركات على غرار المتابع صاحبها. المتهم الرئيسي المدعو (خ.رابح) رئيس المفتشية بين 92 إلى 2004، أنكر خلال الجلسة المنسوب إليه من تهم، واعتبر القضية كيدية، مشيرا إلى أنه عمل طيلة 29 سنة بالمفتشية، وقال أن الملف "فجر بعد نهاية عهدتيه كأمين عام للنقابة...." من أجل إلحاق الضرر به والإساءة إليه، في حين كشف التحقيق في القضية، الذي تحرك بناء على إرسالية وصلت مديرية الضرائب من طرف بنك القرض الشعبي الجزائري، بخصوص غياب وثائق جبائية من ملف الاستفادة من قروض، وقد كشفت التحريات على تجاوزات خطيرة على مستوى المفتشية طيلة عهدة الرئيسين، منها أن الجداول المودعة على مستوى البنك زور فيها رقم الأعمال، وقيمة الربح الخام، إضافة إلى تضمنها تصريحات أمام مديرية الضرائب مزورة، هذا إلى جانب أن وصل إيداع السجل التجاري الخاص بالشركة المتابع صاحبها المسماة "فونيتاكس"، إلى جانب أخرى ملك له أيضا خاصة بنقل المسافرين، ذكرت في الملف، لكن التحقيقات لم تشملها، جاء الرقم الجبائي الخاص بكل واحد غير مطابق للرقم الجبائي الخاص بهذا النشاط، أما ما يثير الانتباه في قضية المتهمين الذين أنكرا الجرم المنسوب إليهما، حسب ما كشفت عنه مرافعة الطرف المدني، هو ما أسفر عنه التحقيق، أنه خلال عمليات الرقابة التي باشرتها مديرية الضرائب على مستوى المفتشية، لوحظ أن التبليغات التصحيحية التي من المفروض أن تكون واضحة، أشارت مديرية الضرائب بشأنها أنها لاحظت، أن هذه الوثائق يعلوها شطب للمعلومات المدونة عليها، وإعادة كتابتها، الشيء الذي حال دون تكمن مراقبي مديرية الضرائب من حصر الأموال الضائعة. وفي الوقت الذي جاء في الملف أن المتهمين المتابعين بسوء استغلال الوظيفة، وإعطاء منح غير مستحقة للغير بغير وجه حق، والتزوير واستعمال المزور، قد تورطا في بالتأشير على معطيات واردة في بجدول الميزانية الخاص بالشركة المذكورة من أجل حصول الأخيرة على قروض بنكية، رغم أنها لا تملك صفة التاجر، وقد قام المتهم الثاني مثلا، بين سنتي 2005 إلى 2007، بالتأشير على جداول هذه الشركة التي تبين أنها مزورة، لذات الغرض، غير أن المتهم الأول أكد أن الأختام والإمضاءات التي جاء في الملف أنها مزورة، ليست كذلك، بل هي صحيحة، وهو من وضعها على تلك الوثائق وقت كان على رأس المفتشية، أما صاحب الشركة المتابع باستعمال المزور، فقد أكد أن تعاملاته هذه صحيحة، وأنه غير مسؤول على ما حدث هناك. يذكر أن ممثل مديرية الضرائب تغيب عن الجلسة، رغم أهمية حضوره كون إجاباته على أسئلة المحكمة المتعلقة بالجانب التقني الخاص بالعمليات المشبوهة المذكورة، مهم في كشف الحقيقة في ملف اخذ وقتا كبيرا من برنامج أول أمس، واستمر إلى ساعة متأخرة من الليل، أما دفاع المديرية، فقد التمس تعويضا قدره مليون سنتيم، يدفعها كل واحد من المتهمين للطرف المدني، في الوقت الذي طالب فيه وكيل الجمهورية لدى محكمة سيدي امحمد التي عالجت القضية، بتسليط عقوبة قدرها عامين حبسا نافذة، مع غرامة مالية قيمتها 200 ألف دج ضد كل متهم، وقد تأجل النطق بالحكم إلى الأيام المقبلة.