بذكاء، فطنة، حيطة وحذر، تمكّن كفيف يدعى (ل.س) 37 سنة، يتقلّد منصب مكلّف بالدّراسات بمصلحة التّجارة الخارجيّة بوكالة القرض الشّعبي الجزائري، الكائن مقرّها بحي "خميستي" منذ سنة 2003، من اختلاس مبلغ مالي من الوكالة قدّر ب 4 ملايين و 15 ألف دينار، بالتّواطئ مع أحد زبائن الوكالة، تاجر في قطاع الغيار، يدعى (ب.م) 27 سنة، أين التمس وكيل الجمهوريّة لدى محكمة وهران تسليط عقوبة 8 سنوات حبسا نافذا لتورّطهما في جنحة اختلاس أموال عموميّة بالنّسبة للمتّهم الأوّل و المشاركة في الاختلاس للمتّهم الثّاني . عجّت أمس قاعة المحاكمة بالشّهود الذين ترأسهم مدير الوكالة الذي تنصّب طرفا مدنيّا في القضيّة، ليليه إطارات وموظّفون من الوكالة، من مهندسين في الإعلام الآلي، لمناقشة الملف بدقّة، وعن الطّريقة التي تمّت من خلالها عمليّة اختلاس المبلغ المذكور من حساب المؤونة، الذي يحوز فيه الكفيف المكلّف بالدّراسات على رقم المستخدم، أي المنظومة المعلوماتيّة للتّجارة الخارجيّة، إلى الحساب الجاري لتاجر قطع الغيار المتابع في قضيّة الحال (ب.م) 27 سنة . تمّ التفطّن للاختلاس بناء على إرساليّة تلقّتها الوكالة من بنك القرض الشّعبي الجزائري بالجزائر العاصمة، فور قيامها بعمليّة تطهير الأموال، لتكتشف فيما بعد الاختلاس، مع العلم أنّ المبلغ المختلس يعود ل 16 زبونا تابعا للوكالة، كمبلغ احتياطي للصّرف، حيث يذهب السّعر النّهائي إلى الحساب الجاري، فيما يبقى الفائض بالحساب الدّاخلي، الذي لا يطّلع عليه الزّبون باستثناء المكلّف بالدّراسات بالمصلحة الخارجيّة، بعد إيداعهم مبلغ الفاتورة للقيام بأيّ عمليّة استيراد أو تصدير سلعة ما، وعليه فقد تمّ تعيين خبير فنّي، أكّد غياب المبلغ المختلس من وكالة "خميستي"، عن طريق تحويلها من الحساب الدّاخلي أي "المؤونة"، ووضعها بحساب تاجر قطع الغيار بتاريخ 18 ماي 2005، وهو ذات اليوم الذي تمكّن فيه المتّهم تاجر قطع الغيار من سحب المبلغ من الوكالة، وفق تخطيط مسبق و مؤامرة مدبّرة . القضيّة انطلق التّحقيق فيها سنة 2007 أين أقيل الكفيف من منصبه وسحب منه رقم المستخدم أي المنظومة المعلوماتيّة للتّجارة الخارجيّة، و بدأ التّحقيق في القضيّة. عند مثول الكفيف أمس، أنكر التّهمة الموجّهة إليه جملة و تفصيلا، مشدّدا من خلال محضر تصريحاته، أنّ مدير الوكالة تخوّله مهامه الإطّلاع على رقم مستخدم المتّهم الكفيف المكلّف بالدّراسات، في حين أنكر جلّ الشّهود إطّلاعهم على الأرقام السريّة الخاصّة بكلّ واحد منهم كونها خاصّة . أمّا المتّهم تاجر قطع الغيار، فقد نفى علاقته بالجريمة الاقتصاديّة و علاقته بالكفيف المكلّف بالدّراسات . فيما يبقى اللّغز قائما حول صحّة أو خطأ العمى المصاب به المكلّف بالدّراسات، بسبب التّناقض الواضح بين مرافعة الطّرف المدني الذي نفى إصابة المكلّف بالدّراسات بداء فقدان البصر، و دفاع المتّهم الذي أقرّ بإصابة موكّله بفقدان البصر تدريجيّا.