تحادث الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أمس الثلاثاء، مع رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي مصطفى عبد الجليل، وذلك بوساطة من أمير دولة قطر حمد بن خليفة آل ثاني، على هامش أشغال أول قمة لمنتدى رؤساء دول وحكومات البلدان المصدرة للغاز الطبيعي، وهو أول لقاء من نوعه يلتقي فيه الرئيس بوتفليقة برئيس المجلس الانتقالي. وما يلاحظ في اللقاء هو أنه جمع كلا من أمير دولة قطر الذي ساند الثورة الليبية ضد العقيد معمر القذافي، في حين كانت الجزائر تتهم بمساندة القذافي، وقد شهدت الجزائر توترات كبيرة في العلاقات مع المجلس الانتقالي، انتهت باعتراف الجزائر بالمجلس كممثل للشعب الليبي في 22 سبتمبر الماضي، دون أن تحصل لقاءات كثيرة باستثناء تلك التي جمعت وزير الخارجية مراد مدلسي بأحد أعضاء المجلس الانتقالي، في حين تم إلغاء زيارة كانت مبرمجة من طرف المجلس الانتقالي للجزائر يوم مقتل العقيد الليبي معمر القذافي. وقد يعطي هذا اللقاء دفعا للعلاقات الجزائرية الليبية خاصة بعد رحيل نظام القذافي وتشكيل المجلس الانتقالي لحكومة ليبية موحدة. وما يميز هذا اللقاء هو أنه يقع تحت إشراف الدولة المضيفة للقمة، أي قطر، وهي الدولة التي لعبت دورا كبيرا في إسقاط نظام القذافي، وتعمل على رعاية المجلس الثوري، فهي لا تدع المجلس الليبي يقرر دون أن تبدي ملاحظاتها أو حتى حضورها، خاصة عندما يتعلق الأمر بالجزائر، كما أنها حاولت القيام بنفس الدور في الثورة التونسية، حينما طلبت الحضور في الجلسة الافتتاحية للمجلس التأسيسي، وهو ما رفض من طرف المعارضة التونسية، التي اتهمتها بمحاولة التدخل في شؤونها الداخلية. يضاف إلى هذا، أن قطر تلعب دورا بارزا في كل "الثورات" العربية، كما أنها أصبحت ملجأ لكل الناشطين المعارضين لأنظمتهم، مثل إيوائها للمعارض الجزائري عباس مدني مؤسس الجبهة الإسلامية للإنقاذ المنحلة، وكذا منح الفرص للمعارضين الجزائريين للإدلاء بتصريحات عبر قناة الجزيرة، أو إيوائهم، وهو الأمر الذي أجبر الرئيس بوتفليقة على ما يبدو للسفر إلى الدوحة والمشاركة في هذه القمة ولقاء أمير قطر، رغم أن سفرياته إلى الخارج هي نادرة جدا، وغالبا ما يقوم بإيفاد وزير الخارجية مراد مدلسي أو الوزير المنتدب عبد القادر مساهل، وفي حالات قليلة جدا ممثله الشخصي عبد العزيز بلخادم. فهل سيتمكن بوتفليقة من ترويض القطريين والتقليل من دورهم المتنامي في المنطقة، خاصة وأنهم أصبحوا يشكلون خطرا كبيرا على الجزائر بواسطة قناة الجزيرة، وإيواء المعارضين ودعمهم.