يبدو أن عمليات توزيع السكنات الإجتماعية قد تحوّلت إلى فتيل لإشعال الإحتجاجات الشعبية، بسبب ما صاحب هذه العمليات من تلاعب، وبزنسة بسكنات المواطنين، فقد شهدت العديد من المدن، نهار أمس والأيام الفارطة، خروج المواطنين إلى الشوارع، للتنديد بالتوزيع المشبوه للسكنات، ففي تصعيد جديد لحركتهم الإحتجاجية، قام نهار أمس عشرات الشبان القاطنين بحي الدرب، بغلق كل الطرق والمنافذ المؤدية إلى ساحة أول نوفمبر بوهران، في حدود الساعة الحادية عشر صباحا، احتجاجا على إقصاء بعض العائلات من الإستفادة من سكنات اجتماعية، ورفضا لنقل بعض سكان الدرب إلى بلدية قديّل، بالإضافة إلى احتجاج بعضهم على إدماج ثلاث عائلات في سكن واحد، وتطوّرت وتيرة الإحتجاجات بعد الظهر، لتتحوّل إلى أعمال شغب، حيث قام المحتجون برشق قوات مكافحة الشغب بالحجارة، كما أصيب بعض المّارة جراء ذلك، للإشارة أن ولاية وهران قامت نهار أول أمس الأول بتوزيع 3966 عقد استفادة مؤقت من السكنات، في خطوة لتهدئة المحتجين، لكنها لم تقم بتعليق قوائم المستفيدين، الأمر الذي اعتبره البعض، وسيلة لطمس التلاعبات التي حصلت في عملية التوزيع. وإلى غاية كتابة الموضوع، ظلّت الإحتجاجات متواصلة، وخلّفت إصابة بعض المواطنين، كما أن قوات مكافحة الشغب اعتقلت بعض المحتجين بحسب ما أفاد به شهود عيان . كما خرج أمس سكان بلدية حاسي بونيف مصدومين من دار البلدية، بعد أن قرأوا أسامي المستفيدين من قائمة 400 سكن اجتماعي، ولم يخرجوا من دار المير إلا بعد أن اجتمعوا داخل قاعة لتحديد هوية المستفيدين غير الشرعيين ممن تضمنتهم القائمة المعلن عنها، حيث حددوا إلى غاية منتصف النهار أزيد من 80 إستفادة مشبوهة، قالوا إن بحوزتهم الأدلة الدامغة التي تثبت استفادتهم من فيلات بحي الشهيد محمود، ويعرفون الطريقة التي مكنتهم من الاستفادة من السكنات الاجتماعية، ولم يستثن المحتجون على القائمة، تلك الرؤوس المستفيدة والتي تنتسب بالقرابة إلى المنتخبين المحليين، والأحباب والأصدقاء. وإن تميزت البارحة بلدية حاسي بونيف منذ تعليق القائمة في حدود السادسة صباحا بالهدوء التام في الخارج، إلا أن الغليان لازم المحتجين داخل المجلس الشعبي البلدي، أين تجمع عشرات المواطنين، وكل فرد له معلومات تخص الأسامي المشبوهة التي تضمنتها قائمة "البنعميس" كما سُمّيت من قبل المقصيين، حيث احتشدوا داخل قاعة الاجتماعات الخاصة بالمير، من أجل شطب كل اسم مشكوك في صحة استفادته، وعلى عكس ما لوحظ على مستوى دوائر الولاية، فإن بلدية حاسي بونيف قامت بتسليم المحتجين القائمة بالصور حتى تسهل عليهم القيام بالطعون المرخصة للمقصين بموجب القانون، وتنافس المحتجون تنافسا محموما من أجل تحديد الإستفادات المشبوهة، إذ اشتد صراخ المقصيين وتعالى على عدة أسماء من بينها أسماء مواطنين استفادوا بدوار بوجمعة، رغم أنهم يملكون فيلات من طابقين وأربعة طوابق، وتوالت صيحات المواطنين على بعض الأقارب المحسوبين على المنتخبين المحليين، وموظفين بالبلدية، حيث لم يستثنوهم من قائمة "البنعميس" والتي أوضحوا أنها وضعت بتقديم العربون إلى مسؤولين، في إشارة واضحة منهم إلى الرشاوى، علما أن هذه المسألة تحدث عنها طالبو السكن الإيجاري العمومي، ولم يتقدموا برفع شكاوى في الحين إلى الأمن قصد ضبط الأطراف المتهمة متلبسة بالرشوة، ووجه المحتجون اتهامات إلى المير السابق بوضع أسماء مشبوهة، وهددوا بالتصعيد في حال ما إذا لم يفتح تحقيقا نزيها للتحري في الإستفادات المشبوهة، بعد تحديدها من قبلهم في الطعون التي سترفع، وكشف المحتجون عن 18 مستفيد من أصل 80 مستفيد من قائمة 400 سكن إيجاري عمومي، قالوا بأنهم يملكون سكنات فخمة بحي الشهيد محمود، ويتعلق الأمر بأستاذ جامعي، وآخر يسكن ووالده بفيلا من أربعة طوابق، وهي إحدى النماذج الحية للإستفادات المشبوهة في نظر المحتجين، من جهة أخرى احتج المواطنون على استفادة ثلاثة عزاب من السكنات، في الوقت الذي بات فيه المواطن بحاسي بونيف يعيش ببراريك منذ 30 سنة، المحتجون وبعد أن أنهوا تشاورهم على تحديد الإستفادات غير الشرعية، غيروا وجهة الاحتجاج إلى دائرة بئر الجير. وسجلت بلدية حاسي بونيف أزيد من 300 محتج على قائمة 400 سكن، هؤلاء وقعوا بسجل "الاحتجاج" الذي وضعته البلدية لتهدئة المقصيين، وعبروا عن رفض القائمة جملة وتفصيلا. هذا وكانت بلدية حاسي بونيف قد علقت قائمة 400 مستفيد من السكن الاجتماعي أمس في حدود السادسة صباحا، بعد أن تم تطهير القائمة من 50 مستفيد، هؤلاء أسقطوا لأنهم مستفيدون غير شرعيين، وستضبط القائمة النهائية بعد شهر لتصبح نهائية في حال وضع الطعون، حيث سيرحل المستفيدون إلى منطقة "الزوية"، والسكنات الجاهزة بحي الشهيد محمود، وفي انتظار الإفراج عن 300 قرار استفادة مسبق، تحصي دائرة بئر الجير نحو 5000 طلب للسكن. ولم تختلف أجواء تسليم الكوطة الخاصة بتوجيهات السكن ببلدية بن فريحة بدائرة قديل عن حاسي بونيف، حيث تجددت الاحتجاجات عشية توزيع 350 قرار استفادة، والحديث في الاحتجاج دار حول عدم شرعية استفادة بعض المواطنين، واستمر من جهة أخرى احتجاج منكوبي بلدية وهران، جرّاء إقصائهم دون حق من الاستفادة، ونزلوا أمس إلى دار المير بساحة أول نوفمبر للتعبير عن سخطهم من السلطات المحلية.