تواجه وكالات السفر هذا الصيف موسما سياحيا غير عادي وصعب تضافرت عليه تبعات الأزمة المالية العالمية التي ألقت بظلالها على قطاع السياحة، وتزامن رمضان مع شهر أوت الذي يعتبر عادة ذروة الموسم السياحي، فضلا عن انتشار فيروس "أتش1.أن.1" في الدول المصنفة ضمن أهم الوجهات المستأثرة باهتمام السواح الجزائريين. وقد أدت هذه العوامل كلها إلى خلق نوع من الضغط على وكالات السفر بالجزائر التي وجدت نفسها مضطرة إلى إيجاد الصيغ الكفيلة بتحقيق المعادلة الصعبة المتمثلة في المحافظة على زبائنها الأوفياء وجلب اهتمام آخرين، مع احترام تعهداتها مع الشركاء الأجانب فيما يتعلق بحجز الفنادق والرحلات المبرمجة. فبالنسبة إلى إحدى أكبر هيئة وطنية ترقوية للسياحة، خلق هذا الوضع الذي لم يكن في الحسبان، باستثناء حلول شهر رمضان في عز الموسم الصيفي، اكتظاظا في برمجة مواعيد السفر نتيجة تقلص الموسم الصيفي الذي انطلق بالنسبة إليها بتاريخ 15 جوان ويستمر إلى عشية رمضان ليتم الشروع بعدها في موسم العمرة حسب ما أوضحه مديرها التجاري بالنيابة. ولمواجهة هذا الوضع المستجد، "سنعمل مع شركائنا الأجانب على إيجاد الحلول المناسبة في كل ما يتعلق بالحجوزات وتنظيم الرحلات، للمحافظة على مصالحنا وضمان كل سبل الراحة لزبائننا". وعن البرنامج المسطر لهذه الصائفة، أوضح المتحدث أن هيئته حافظت على عروضها الكلاسيكية المتمثلة في مصر التي تتضمن رحلات إلى كل من القاهرة وشرم الشيخ وكذا تركيا بوجهاتها الأكثر طلبا، أي اسطنبول وأنتاليا، بالإضافة إلى تونس والمغرب. والجديد هذا الموسم بالنسبة لذات الهيئة هو إدراج رحلات سياحية إلى روسيا وبالضبط إلى مدينة سان-بيترسبورغ، حيث "تبلغ تكاليف هذه الرحلة التي تمتد إلى أسبوع وتشمل مواقع تاريخية مشهورة، 130 ألف دينار". كما تعد الصين وبالتحديد مدينتي بيكين وشنغاي وجهة أخرى تقرر إدراجها ضمن العروض المقترحة بتكلفة "لا تقل عن 135 ألف دينار". أما بالنسبة لوكالة سياحية خاصة كائنة بالجزائر الوسطى، فقد أعرب مديرها التجاري عن قلقه لكون "كل المؤشرات تدل على ضعف الطلب" الذي رجح أن يكون هذه السنة "محتشما"، مرجعا السبب في ذلك إلى "استمرار ارتفاع عملة الأورو، مما انعكس على تكاليف السفر التي شهدت ارتفاعا محسوسا، وظهور أنفلونزا الخنازير التي تعرف انتشارا متسارعا عبر العالم أجمع". وعلى سبيل المثال لا الحصر "ارتفعت تكاليف السفرية الواحدة إلى تونس لمدة 12 يوما لتصبح 76 ألفا دينارا بعدما كانت لا تتجاوز 58 ألف دينار الصائفة الفارطة". كما يعد "غياب حس تنظيم وبرمجة العطل في وقت مبكر عند الجزائريين المعروف عنهم إرجاء قراراتهم و برامج سفرهم إلى الدقيقة الأخيرة"، مشكلا آخر تواجهه وكالات السفر "فالكل يريد فجأة السفر في نفس الفترة وإلى نفس الوجهة"، يقول المتحدث. وبدورها قررت هذه الوكالة تقديم عروض سياحية جديدة لزبائنها وعلى رأسها روسيا (موسكو و سان بيترسبورغ) وكذا تايلاندا (بانكوك-ريفر كواي-فوكات) وهما الوجهتان اللتان "لا تقل تكلفة الواحدة منهما عن 178 ألف دينار لمدة عشرة أيام". كما يبقى المغرب إحدى الوجهات التي لا تزال تستحوذ على اهتمام السواح الجزائريين الذين يمكنهم الاستمتاع بشواطئ أغادير الخلابة لمدة 11 يوما ب"110 ألف دينار جزائري". من جهتها شرعت وكالة أخرى خاصة -ولأول مرة- في عرض وجهة سياحية جديدة تتمثل في مونتينيغرو، حيث تقترح رحلات سياحية إلى شواطئ "بودفا" الخلابة التي "وقع عليها الاختيار بالنظر إلى الهياكل السياحية الممتازة التي تتوفر عليها والتي تضمن مختلف الخدمات السياحية الراقية" يوضح مدير الوكالة. وبسعر لا يقل عن 75 ألف دينار يمكن لمن يهمه الأمر زيارة تركيا، حيث تعرض الوكالة رحلات إلى كل من اسطنبول و الشواطئ الجنوبية لأنتاليا. كما يبقى اليونان الوجهة السياحية المميزة لهذه الوكالة التي تمتد خبرتها في تنظيم الرحلات إلى 14 سنة يشجعها في ذلك كونه "البلد الأوروبي الوحيد الذي يمنح تسهيلات للحصول على تأشيرة شنغن للأفواج السياحية عبر رحلات شارتر"، مع العلم أن الرحلة الواحدة لهذا البلد تبلغ تكاليفها "75 ألف دينار لمدة أسبوع". ولم يخف مدير الوكالة بالمناسبة تخوفه بالنسبة إلى هذا الموسم الصيفي، خاصة مع بروز وباء أنفلونزا الخنازير وتوسع رقعة الإصابة به على مستوى العديد من الدول التي تشكل في العادة وجهات سياحية مستحبة لدى الجزائريين وهو الأمر الذي "من المنتظر أن يؤدي إلى عزوفهم عنها". ويأتي حلول رمضان المبارك خلال شهر أوت كعامل آخر "سيفضي حتما إلى ظهور بعض الاختلال" في أجندة هذه الوكالة نتيجة تقلص فترة العطل التي ستنتهي هذه الصائفة في 18 أوت بدلا من 28 منه وهو الأمر الذي سيستمر على نفس الشاكلة لسنوات أخرى قادمة.