لفتح المجال أمام المؤسسات الصغيرة والمتوسطة للفوز بالعروض تعتزم الحكومة إدخال تعديلات عميقة على قانون الصفقات العمومية، وذلك في إطار مكافحة الفساد والرشوة وهدر المال العام من جهة، ولفتح المجال أمام المؤسسات المحلية الصغيرة والمتوسطة للفوز ببعض العروض من جهة أخرى، لعدم قدرتها على منافسة المؤسسات الأجنبية الكبرى التي استحوذت على المشاريع العمومية في السنوات الماضية، ويمس الجزء الأكبر من هذه التعديلات عملية توسيعية لأهم جوانب القانون، ليشمل "أغلبية" المؤسسات العمومية الاقتصادية المختلفة. وذكرت مصادر من وزارة المالية، أن الحكومة تبحث من خلال هذه التعديلات الجديدة إعطاء تحفيزات لصالح المنتوجات والشركات المحلية، وذلك عبر منح الصفقات بالتراضي لمؤسسات عمومية معينة وبطريقة مدروسة، للحد من تحويل العملة الصعبة إلى الخارج. وأضافت نفس المصادر، أن لجنة العمل المكلفة بمراجعة بنود المرسوم الصادر خلال الفترة الأخيرة المتعلق بقانون الصفقات العمومية، عرضت اقتراحاتها في مجلس وزاري مشترك في شهر فيفري الماضي، مؤكدة أنها عبارة عن اقتراحات لتعديل 11 بندا. كما أوردت المصادر ذاتها، أن اللجنة اقترحت تعديل شق المرسوم المتعلق باتجاه جعل قانون الصفقات العمومية يطبّق على جميع المؤسسات العمومية الاقتصادية، بعد أن كانت أغلبية هذه الأخيرة غير معنية به، ومنه يصبح التعديل ذاته يعطي طابع الصفقة العمومية للمشاريع التي تعرضها كل المؤسسات أو الهيئات العمومية، مهما كان طابعها وحجمها. وحسب ذات المصادر أشارت إلى أن "التعديلات" تصب في إطار فتح المجال لمؤسسات محلية صغيرة للفوز بالصفقات المعروضة، ومن جهة أخرى فتح المجال أمامها وإمكانية عرضها في مناقصات متعددة ما دام أن أغلب المؤسسات المحلية صغيرة أو متوسطة، تتصف بعدم قدرتها على منافسة المؤسسات الكبرى الأجنبية التي استحوذت على المشاريع العمومية في السنوات الماضية، بسبب عرض هذه الأخيرة لمشروع واحد كبير. كما تم اقتراح تعديلات أخرى "تصب" في اتجاه جعل المناقصات المحدودة تشترط في دفاتر الأعباء تأهيل وتصنيف المؤسسات، وهذا بهدف تجاوز المشاكل التي كانت تواجهها المؤسسات المحلية الصغيرة والمتوسطة في الفوز بالمشاريع العمومية، بعد أن كان يشترط في دفاتر الأعباء مؤهلات وتصنيفات الشركات الكبرى في العروض التقنية، وهو ما جعل الشركات الأجنبية تفوز دائما بالمشاريع العمومية. من جهة أخرى –حسب ما أشارت إليه نفس المصادر- فقد تم منح الشركات الصغيرة والمتوسطة تسهيلات عند فوزها بالمشاريع العمومية، حيث اقترحت اللجنة تحديد كفالة المناقصات الخاصة بالصفقات العمومية التي تدرسها اللجان الولائية والبلدية بنسب متراوحة ما بين 1 إلى 5 بالمائة بدل 5 إلى 10 بالمائة. وأوضحت ذات المصادر، أنه تم التأكيد على تسقيف أفضلية تقييم العروض المالية للمناقصات ب25 بالمائة بالنسبة للشركات التي تتزود بالمنتوج المحلي، أو تتعامل مع الشركات المحلية في إطار المناولة. ويأتي هذا بعد أن أمر الوزير الأول، أحمد أويحيى بداية الشهر الفارط خلال ترأسه مجلسا حكوميا مشتركا، بإحداث مراجعة طفيفة لمشروع التعديل الخاص بقانون الصفقات العمومية، واقترح الوزير الأول بمنح الأفضلية في تقييم العرض التقني في المناقصات بالنسبة للشركات الراغبة في الفوز بالمشاريع العمومية، إذا أثبتت هذه الأخيرة تعاقدها مع المؤسسات المحلية في إطار المناولة.