أثار قرار رئيس الحكومة التونسية حمادي الجبالي تسليم رئيس الوزراء الليبي الأسبق البغدادي المحمودي لليبيا الأحد أزمة غير مسبوقة مع رئيس الجمهورية منصف المرزوقي المستاء من عدم مراجعته قبل اتخاذ هذا القرار. وكان ترحيل المحمودي فجرا إلى ليبيا بمثابة ضربة للمرزوقي الذي بنى خلال سنوات من معارضته نظام الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، صورة مدافع شرس عن حقوق الإنسان. وأعلن المرزوقي في مقابلة مع تلفزيون "حنبعل" التونسي الخاص يوم 7 جوان الحالي "معارضته المبدئية" لترحيل المحمودي وقال إنه يفضل تسليمه إلى "حكومة ليبية منتخبة". وقال الناطق الرسمي باسم المرزوقي إن الأخير كان عند ترحيل البغدادي المحمودي في زيارة لجنوب تونس للاحتفال بعيد الجيش ولم يوقع قرارا بترحيله وسمع بتسليمه من وسائل الإعلام .وأصدرت رئاسة الجمهورية مساء الأحد بيانا شديد اللهجة نددت فيه بعملية التسليم "غير الشرعية" التي "تهدد صورة تونس في العالم" وحملت الجبالي "كل المسؤولية في ما قد ينجر عن التسليم من تهديد للسلامة المعنوية والجسدية" للبغبدادي المحمودي. وأعلن سمير ديلو الناطق الرسمي باسم الحكومة في مؤتمر صحافي الاثنين أن الحكومة أبلغت رئاسة الجمهورية بقرار التسليم من دون أن يوضح إن كان ذلك قبل أو بعد ترحيل المحمودي. وكان ديلو لمح في تصريحات لإذاعة محلية الاسبوع الماضي إلى احتمال حصول "أزمة" بين الجبالي والمرزوقي بسبب ملف المحمودي. وهي المرة الأولى تبرز فيها خلافات حادة بين رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية منذ توليهما مسؤولياتهما في ديسمبر 2011. وتظهر الخلافات -بحسب محللين- هشاشة الائتلاف الحكومي الثلاثي الذي تقوده حركة النهضة الإسلامية و"هيمنتها" على شريكيها اليساريين في الحكم: حزب "المؤتمر" الذي أسسه المنصف المرزوقي، وحزب "التكتل الديموقراطي من أجل العمل والحريات" الذي يرأس زعيمه مصطفى بن جعفر المجلس الوطني التأسيسي المنبثق من انتخابات 23 أكتوبر 2011. وتعكس الخلافات ضعف صلاحيات الرئيس المرزوقي الذي يتعرض لانتقادات حادة من مستخدمي شبكة التواصل الاجتماعي في تونس. وقالت رئاسة الجمهورية في بيان مساء الأحد إن تسليم البغدادي المحمودي أمر "يهم السياسة الخارجية لتونس أكثر مما يهم ميدان القضاء، وان السياسة الخارجية هي من صلاحيات رئاسة الجمهورية" واتهمت الجبالي ب"تجاوز صلاحياته".