ثمة أحداث في حياة الأمم ليس هناك أحسن من اللجوء إلى الألوان الوطنية من أجل تجسيد عمقها و معناها و تأثيرها على الأشخاص الذين يعيشونها.فقد احتفل الجزائريون في نوفمبر 2009 بتأهل المنتخب الوطني لكرة القدم إلى نهائيات كأس العالم (جنوب افريقيا 2010) مثلما احتفلوا في جويلية 1962 باستقلال البلد: في فرحة عارمة و بحمل العلم الوطني، و يعتبر العلم الوطني مثله مثل النشيد الوطني " قسما" في مجموع مقاطعه رمزين و مكسبين للثورة قبل أن يكونا رمزين "ثابتين" للجمهورية حسب الدستور.و يتشكل العلم الوطني من مستطيل أخضر و أبيض تتخلله في الوسط نجمة و هلال أحمرين. و قد حددت خصوصياته التقنية رسميا بالقانون رقم 63-145 الصادر بتاريخ 25 أفريل 1963. و لم يبتكر المشرع شيئا. ففي عرض أسباب إصدار هذا القانون تمت الإشارة إلى أن " الجزائر التي أصبحت دولة مستقلة معترف بها من طرف مجموعة الأمم من حقها أن تختار بدورها رسميا علما وطنيا.و كان هذا العلم موجودا: انه العلم الذي تبناه الشعب الجزائري تلقائيا في الجبال و المدن و هو العلم الذي فضل الشهداء المعاناة و الموت من أجله إذ اجتمع حوله كل الوطنيون سواء داخل التراب الوطني أو ارجه".و يعود ظهور العلم الوطني في شكله الحالي في الجزائر إلى نهاية الثلاثينات. في هذا الخصوص أكد الباحث زهير احددن أن " الشعب الجزائري الذي رفض فكرة الانتماء إلى الهوية الفرنسية رفض أيضا تبني العلم الفرنسي . عندئذ قرر ميصالي الحاج استعمال علم جزائري للمشاركة في سنة 1937 في مظاهرة سلمية نظمت بالجزائر العاصمة ليقول بأن الجزائر جزائرية. و قد صممت هذا العلم بالأخضر و الأحمر و الابيض الذي تتوسطه نجمة و هلال زوجة ميصالي ايميلي بوسكان ذات الأصول الفرنسية".وبعد هذا الظهور الأول اختفى هذا العلم من الفضاء العمومي ليظهر مجددا في منتصف الأربعينيات. و " خلال الحرب العالمية الثانية و بانهزام ألمانيا فكر حزب الشعب الجزائري في الخروج إلى الشوارع برفع علم وطني. و قد بحث مناضلو حزب الشعب الجزائري على علم ميصالي الحاج غير أنه كان مفقودا. و قد تذكر هؤلاء الألوان و الرموز المستعملة في هذا العلم. و قد أعدوا في مشغل لمفدي زكريا علما مستلهما من علم ميصالي الحاج.وقد تم حمل هذا العلم خلال عيد العمال في الفاتح ماي 1945 بالجزائر العاصمة و البليدة و وهران ثم يوم 8 ماي 1945 بكل المدن الجزائرية" حسب احدادن. و من جهته صرح الأستاذ عمار رخيلة " رفع علم على مستوى كل مدينة خلال مظاهرات 8 ماي 1945 غير أن العلم كان يختلف من منطقة الى أخرى. أما بخصوص علم ميصالي الحاج فقد استعمل لتغطية جثمان أرزفي كحال الذي كان على رأس حزب الشعب الجزائري بعد ميصالي الحاج".ويختلف المعنى الذي أعطي للألوان و الرموز المستعملة في تصميم العلم الوطني. و يرى زهير احددن أن الأخضر يرمز إلى الأمل و التقدم و الأبيض إلى السلم و الأحمر إلى دم المجاهدين في حين ترمز النجمة و الهلال إلى الإسلام. و حسب عمار رخيلة فان كل تشكيلات العلم الجزائري ترمز إلى الإسلام.