يشهد الموسم الاحترافي الثالث في الجزائر نزوحا غير مسبوق للمدربين والتقنيين الأوربيين، وكذا اللاعبين المغتربين في أووربا، والذين اجتاحوا بقوة الجزائر للعمل واللعب فيها هروبا من حجيم الأزمة المالية التي تعصف مؤخرا بالقارة العجوز، وهذا بدل المخاطرة بالبقاء في أوروبا التي لا تؤمّن مشوارهم الرياضي، في سابقة تعد الأولى من نوعها في تاريخ الكرة الجزائرية التي كانت تعمد في الماضي إلى تصدير المادة الخام المحلية، قبل أن تنقلب المعادلة في المواسم الأخيرة، لتبرز معها ظاهرة الاحتراف المعاكس، وخير دليل الأرقام التي سجلت خلال الميركاتو الصيفي، حيث عمدت النوادي لاسيما تلك التي تسمى بالكبيرة إلى تسخير كامل أموالها وثرواتها من أجل التعاقد مع لاعبين مغتربين ومدربين في أوروبا بفعل سياسة رؤساء النوادي التي تعتمد على الإغراءات ولغة الأموال التي أسالت لعاب أكبر التقنيين واللاعبين المغتربين، وهنا نتحدث خصوصا عن صفقة الموسم التي قام بها شباب قسنطينة عندما تعاقد مع المدرب الفرنسي الكبير روجي لومار، وهي الصفقة التي تثير أكثر من تساؤل، شأنه في ذلك شأن المدرب الإيطالي فايرو الذي انتقل إلى شبيبة القبائل ولوفينغ إلى نادي مولودية الجزائر، بالرغم من أن سقف رهانات هذه الفرق لن يتعدى اللعب من أجل ورقة اللقب، لكن في حقيقة الأمر أن هؤلاء المدربين اختاروا الجزائر من أجل الحصول على قوت عيشهم والتلذّذ بأموال الفرق الجزائرية التي تضمن لهم الربح السريع من دون خسائر الضرائب. المغتربون تركوا فرنسا وانجلترا وفضلوا ملايير سوسو وطياب وغريب وعلى غرار المدربين، فإن نزوح وتوافد اللاعبين المغتربين بقوة على البطولة الجزائرية أضحى حديث الشارع الرياضي الجزائري أيضا، طالما أن هذه المرة سجلت فيها أرقام قياسية كبيرة، والأكثر من ذلك فقد تمادت بعض الفرق في انتداب أكثر من لاعب مغترب، على غرار ما هو حاصل في شبيبة بجاية وشباب قسنطينة اللذين خلفا التوقعات هذا الموسم، وبدرجة أقل وفاق سطيف مولودية الجزائر وشبيبة القبائل، وهذا في انتظار تجسيد صفقات أخرى تمهد لموسم استثنائي ستعرفه الكرة الجزائرية، أما عن أسباب بروز هذه الظاهرة فيبدو أنها جاءت نتاجا لتواجد بعض المعطيات التي جعلت هؤلاء المدربين واللاعبين يختارون الجزائر وخوض تجربة في الدوري المحلي، بعدما كان اللعب في الجزائر آخر اهتماماتهم في وقت سابق إن لم نقل مستحيلا، أبرزها سياسة الملايير والإغراء التي ينتهجها رؤساء النوادي الجزائرية لجلب النجوم، والتي تسيل اللعاب وجعلت العديد من اللاعبين المغتربين يراجعون حساباتهم، فكيف للاعب شاب مثل بن زرقة القادم من نادي نانت الفرنسي أن يقبل اللعب في الجزائر والانضمام إلى شبيبة بجاية لولا تفضيله الأموال على المشوار الرياضي، وهو الشأن اته بالنسبة لمحامحة الذي كان ينشط في نادٍ كبير اسمه ليون، ورغم قيمة ووزن هذا الفريق إلا أنه رضخ في الأخير لإغراءات الرئيس البجاوي بوعلام طياب الذي لم ينتهج هذه السياسة لوحده بل إن الأمر طال حتى زميله بولحبيب من شباب قسنطينة الذي حاز على الأرقام القياسية في عملية الاستقدامات هذه الصائفة، من خلال التعاقدات النوعية والكبيرة التي قام بها.