شهد جمهور قاعة السعادة بوهران، أول أمس، عرض فيلم "خلص" لمخرجه "برهان علوية" في إطار الأفلام الطويلة المشاركة في مسابقة "الأهقار الذهبي" بالمهرجان الدولي للفيلم الطويل. يعود بنا المخرج اللبناني الكبير"برهان علوية"، بعد ربع قرن مر على فيلمه "بيروت اللقاء" متقمصا ذات الشخصية في فيلمه الأخير "خلص" الذي يتحدث عن جراح الحرب اللبنانية، وخيبات الأمل المتواصلة للشعب اللبناني منذ الحرب وبعهدها، فجاء "خلص" عنواناً للمرحلة الراهنة، فيلم عن موت الروح، وسقوط الأوهام، والعودة إلى نقطة البداية: على أبواب هزّة جديدة ليست سوى استئنافا للحرب نفسها التي لم تنتهِ يوماً. في هذا الفيلم، الذي ينتمي إلى سينما المؤلف، النوع الذي يعتمد عليه دائما "برهان علوية" في أعماله، يتطرق إلى جيل كامل من اللبنانين وهو يواجه حساباته مع الماضي، لأنه الجيل الوحيد الذي حلم وضاع حلمه، واختصر برهان هذا الجيل في شخصياته الثلاث عبير، أحمد وروبي، أدى أدوارهم كل من نتاشا أشقر، فادي أبي خليل، ريموند حصني. ويدور موضوع الفيلم، الذي مزج فيه برهان بين الشعريّة والسرياليّة والعبث الهادئ حول الشابين أحمد وريموند اللذين تطاردهما أشباح الحرب، إلى حجيم بيروت في زمن "السلم الأهلي" والجمهوريّة الثانية. سينمائي وشاعر، مناضلان سابقان لم يخرجا من الماضي القريب، يحاصرهما اليأس والفراغ واللا معنى في زمن "الإعمار" الراهن، فيتحولان إلى مجرمين، علماً أن الإخراج يأخذ الصورة والأداء إلى منحى رمزي، بعيد عن الواقعيّة. وتقول نتاشا أشقر التي حضرت المهرجان، لتمثيل الفيلم نيابة عن مخرجه الذي يعاني بعض المشاكل الصحية، أن "برهان علوية" أراد أن يوصل رسالة مفادها أنه "لا توجد أفق في لبنان وأن الحب موجود في لبنان لكنه لا يعاش" في هذا البلد الذي أتعبته الحرب. عودة عبير إلى أحمد في آخر الفيلم بعد أن تركته لأنها لم تستطع أن تحقق رفقته أحلامها وطموحاتها في الحياة، وارتمت في أحضان رجل غني، تعبير عن وجود الأمل في استئناف الحياة من جديد لكن خارج الوطن ووراء البحر الذي أخذ مساحة كبيرة في الفيلم، تعبيرا عن الطموحات الكبيرة لهذا الشعب. وأكدت نتاشا في تصريحها ل "النهار" على الحاجة الملحة إلى إنتاج أفلام عن الحرب، عكس ما يذهب إليه البعض بقولهم أن الحرب انتهت وآن لأفلامها أن تنتهي معها، مشيرة إلى أن الحرب لم تنته، وجروحها لم تلتئم بعد .