تبنى المجلس التأسيسي التونسي الليلة الماضية فصول الدستور الجديد للبلاد بعد ثلاث سنوات من اندلاع " ثورة الياسمين" لتدخل تونس بذلك مرحلة سياسية جديدة نحو الانتقال الديمقراطي . وينتظر ان يوافق النواب غدا السبت على النص الكامل للدستور الذي كان من المقرر صياغته خلال عام بعد انتخابات 23 اكتوبر 2011 لكنه تعطل جراء الخلافات السياسية بين حزب النهضة الاسلامي الذي يتمتع بالاغلبية البرلمانية واحزاب المعارضة العلمانية . ووصف رئيس المجلس التأسيسى السيد مصطفى بن جعفر مشروع الدستور بانه بمثابة" تقدم لبناء اسس دولة عصرية وتكريس الحريات" كما أنه " يؤسس لسلطات متوازية" وفق تعبيره . بدوره يرى الشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الإسلامية التي تقود حاليا الإئتلاف الحاكم في تونس ان الدستور الجديد يعد "الأعظم في تاريخ تونس". واعتبر ان تبني الدستور الجديد يعني" بلوغ تونس محطة متقدمة في المسار الإنتقالي في انتظار تحديد موعد الإنتخابات والمضي نحو إنقاذ البلاد وتفعيل مشاريع التنمية" حسب تصريحه . وكان المجلس التأسيسي التونسي قد انتهى ليلة الخميس الى الجمعة من المصادقة على فصول الدستور الجديد فصلا فصلا بعد مداولات استمرت 20 يوما تخللتها العديد من الخلافات بين الكتل النيابية . وينتظر ان يعرض الدستور الجديد الذي يتألف من 146 فصلا على جلسة عامة للمجلس التأسيسي للمصادقة عليه بشكل كامل وذلك بأغلبية الثلثين أي بموافقة 145 نائبا من أصل 217. وفي حالة عدم الموافقة على النص الكامل بأغلبية الثلثين فإنه سيتم اللجوء إلى الاستفتاء الشعبي طبقا لما ينص عليه النظام الداخلي للمجلس التأسيسي . ويعد الدستور الجديد ثاني دستور للجمهورية التونسية بعد الدستور الأول الذي صدر في جوان 1959 والذي تم التخلي عن العمل به عقب "ثورة الياسمين "وبعد انتخاب المجلس تأسيسي . وينص مشروع الدستور على ان الدولة راعية للدين كافلة لحرية المعتقد والضمير وممارسة الشعائر الدينية ضامنة لحياد المساجد ودور العبادة عن التوظيف الحزبي ملتزمة بنشر قيم الاعتدال والتسامح وحماية المقدسات ومنع النيل منها كما تلتزم بمنع دعوات التكفير والتحريض على الكراهية والعنف . ورفض النواب مقترحات بتضمين الدستور نصا يعتبر الإسلام "المصدر الأساسي للتشريع" وتبنوا فصلا يؤكد أن "تونس دولة حرة مستقلة ذات سيادة الإسلام دينها والعربية لغتها والجمهورية نظامها". كما تمت المصادقة على فصل من الدستور الجديد يؤكد "الطابع الجمهوري لقوات الأمن والجيش ويلزمهما ب"الحياد التام عن الأحزاب السياسية". واحدثت فصول تتضمن توسيع صلاحيات رئيس الدولة وذلك لمحاولة "تحقيق المعادلة "بين صلاحيات رأسي السلطة التنفيذية (رئيس الدولة ورئيس مجلس الوزراء). وتم التنصيص على اقرار المساواة بين التونسيات والتونسيين في الحقوق والواجبات كما منح الدستور المناطق والفئات الاجتماعية الأقل حظا " الأولوية" في مجال التنمية لتامين التنمية المستدامة والتوازن بين الجهات . وبخصوص الانتخابات الرئاسية والتشريعية القادمة فانها ستنظم في مدة أربعة أشهر من استكمال ارساء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات دون أن تتجاوز في كل الحالات نهاية سنة 2014 حسب ما نصت عليه احكام الدستور الجديد. وبخصوص صلاحيات المجلس التاسيسي فيما تبقى من المرحلة الانتقالية فان فصول الدستور الجديد تنص على مواصلة المجلس التأسيسى القيام بصلاحياته التشريعية والرقابية والانتخابية الى حين انتخاب مجلس نواب الشعب.