أشاد رئيس المجلس الدستوري مراد مدلسي اليوم الإثنين بالجزائر العاصمة ب"التطورات الكبيرة" التي حققتها إفريقيا في مجال القانون الدستوري مشيرا إلى أن هذه التطورات تضاف إلى النجاحات الأخرى التي حققتها في مجال السلم و الأمن و الديمقراطية و الحكامة. و قال مدلسي في كلمة له في إفتتاح أشغال الندوة العلمية حول "تطور القانون الدستوري في إفريقيا" أن هذه التطورات "أصبحت اليوم حقيقة ملموسة و هي تساهم في خلق ظروف تعبئة معتبرة لإرساء ثقافة حقوق الإنسان و الديمقراطية كشروط مسبقة لتعزيز سمو القانون و إستقرار إفريقيا". و ذكر مدلسي أن مسعى السلم و المصالحة الوطنية التي بادر به رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة قد سمح "بطي صفحة مؤلمة من تاريخ البلاد و إستعادة التطور و النمو للإنطلاق بعزم في خوض غمار العصرنة مؤكدا على أن هذه التجربة تعد من بين التجارب "التي تكون مرجعية للعديد من البلدان". من جهة أخرى ذكر السيد مدلسي أن الدستور الجزائري لعام 1989 --الذي أقر أسس دولة القانون من بينها إنشاء آلية الرقابة الدستورية التي أوكلها للمجلس الدستوري-- قد تعزز بموجب التعديل الدستوري لعام 1996 بآليات و ضمانات أخرى جاءت لتدعيم هذه الأسس لاسيما من خلال مؤسسات دستورية جديدة هما مجلس الأمة و مجلس الدولة إلى جانب دعم صلاحيات المجلس الدستوري و توسيع تشكيلته و مجال إخطاره. و اضاف أن التعديلين الدستوريين لعامي 2002 و 2008 ساهما على التوالي في دعم مكونات الهوية الوطنية بإقرار اللغة الامازيغية لغة وطنية و توسيع حظوظ المرأة في التمثيل في المجال المنتخبة. كما ذكر رئيس المجلس الدستوري بالإصلاحات السياسية التي بادر إليها الرئيس بوتفليقة من خلال مراجعة أهم النصوص القانونية التي تؤطر الحياة السياسية في البلاد كالقوانين المتعلقة بالإنتخابات و الأحزاب السياسية و الإعلام. و بخصوص موضوع الندوة أشار إلى أن إختياره "لم يكن من باب الصدفة و إنما ينبثق من الحرص على إشراك مختصين في القانون الدستوري في أشغالنا من رغبتنا في أن نشاطركم وجهات نظرنا و أرائنا حول الأشواط التي قطعتها بلداننا الإفريقية في جهودنا المتواصلة لبناء دولة القانون". لكن أقر مدلسي أن هذه الجهود "لم تكن سهلة و لا يمكن أن تكون سهلة بالنظر إلى الضغوط المتعددة الأشكال التي تعيشها قارتنا". و أعرب عن أمله في أن تسمح هذه الندوة بإجراء نقاش علمي "رفيع المستوى" و إجراء "تقييم موضوعي" للتطورات المحققة و تسليط الضوء على التحديات التي مازالت مطروحة و أن تكون أيضا فرصة سانحة أمام المشاركين لتبادل تجاربهم و خبراتهم. في الأخير أكد مدلسي أن إفريقيا ستواصل مساعيها الرامية إلى دعم آليات المرتبطة بقوة القانون و تطبيقه مشددا على أن الدول الإفريقية "ستعرف كيف ستواصل بفضل التطورات المحققة مجهوداتها في دعم ألية الرقابة الدستورية و تعزيز قواعد دولة القانون". و تواصلت أشغال الفترة الصباحية بتقديم مداخلتين الأولى للأستاذ الجامعي محمد بوسلطان حول "ثلاثية المساواة و حرية الرأي و التعددية الحزبية على ضوء التطور الدستوري بالجزائر" و الثانية من تنشيط الأستاذة الجامعية من جنوب إفريقيا لي ستون حول التحديات التي تواجه إستقلالية القضاء في بلادها.