ربما لن يكون مخرجو الأفلام السينمائية والمسرحيات بحاجة إلى ممثلين أكاديميين، أو موهوبين، لأنهم سيغيرون أفكارهم بسهولة لو يلقوا نظرة على ما يدور في إحدى أركان كرتنا الجزائرية لأن هناك طينة من ممثلين بالفطرة أو كما يقال بلغتنا العامية من "لاميزون"، يسقطون القناع عن القناع، ويلبسون دورا فوق دور وهكذا دواليك، فالحياة عندهم مصالح ولا شيء غير ذلك.. كشفت الجمعية الإنتخابية للإتحادية الجزائرية لكرة القدم والرابطة، أول أمس، مدى زيف تصريحات بعض الرؤساء، وضعف قناعاتهم، وكذا تغييرهم المعاطف بسرعة مديرين الظهر لتصريحاتهم النارية، إلى الدرجة التي تشكك فيها أنهم هو من أدلوا بذلك الكلام، فشوهدت لقطات من العناق والضحك والتنكيت بين أعداء الأمس..أحباب اليوم، صور كاريكاتورية بألوان طبيعية كانت مجرد ضحك على ذقوننا وبتحديد أدق على ذقون المناصرين الأبرياء الذين تدفعهم العاطفة للإنسياق وراء التصريحات فيدفعون الثمن وقد يجدون أنفسهم خلق القضبان بسبب الحماسة المفرطة، فيما يشرب رئيس فريقهم مع عدوه بالأمس نخب الصداقة.. الكل يختلف، لكنه يتشابه بإمتلاك ذاكرة قصيرة أنتخب، روراوة، رئيسا للإتحادية الجزائرية لكرة القدم بالإجماع بعدما شرعت الكثير من الأطراف في محيط الكرة تتملق له من أجل الإلتفاف به طلبا لبركته فكان الكل يهنأ وهي لحظات أحس فيها، روراوة، بكل تأكيد أنه المهدي المنتظر، إحساس ربما يكون قد شعر به أيضا هو يطالع مختلف التصريحات قبل الإنتخابات التي كان يدلي بها بعض رؤساء الفرق على ظهر الصحف، لكنه يكون قد تأكد أنه أمام أناس تتغير حسب مستوى الثقل وتميل مع الرياح وبكل تأكيد لم يغب عن ذهنه أن هناك من هاجمه وعاد ليؤازره سواء بالتصريح أو بالتصويت الذي تم برفع الأيادي، ما جعله يجتمع بجميع الرؤساء بعد نهاية الإنتخابات وإعلانه رئيسا ل "الفاف" كأنهم تلاميذه ويشدد على ضرورة مساعدته في مهمته حتى ينجح ليكون النجاح نجاح الكرة الجزائرية كلها. مازار "يا حفيظ يا ستار" أنظار كثيرين كانت مسلطة بإتجاه مازار مراد رئيس شباب قسنطينة، حتى أن أغلب التكهنات كانت تتوقع عدم حضوره، فالرجل شن حملة شعواء على روراوة لما كان رئيسا ل "الفاف" حيث قصف بالثقيل والخفيف وحمله مسؤولية وضع الكرة الجزائر مطالبا إياه بالرحيل، ليرد عليه روراوة بنفس الطريقة، ولم يترك مازار، روراوة حتى لما غادر قصر دالي إبراهيم، حيث دار وصال الصيف الماضي في العديد من نقاط الوطن ليعقد ندوات صحفية يهاجمه فيها بدليل التصريح التالي الذي نقلته "النهار" في الفاتح من شهر جوان من العام الماضي، بقوله :"روراوة هو المسؤول الأول عن الكارثة التي تعرفها كرة القدم في بلادنا، لأن الجميع يدرك أن حداج الرئيس الحالي للفاف لا يسيرها بمحض إرادته، لابد على المافيا التي تعتقد أنها لن تُحاسب أن ترحل عنا" لكن مازار الذي شعر أن الدنيا دارت من حوله بسرعة، قالها لعدوه اللدود بالحرف الواحد أمام أسماع عدد من الحاضرين أشهرا من ذلك وفي فندق الرياض :"روراوة هو الرجل المناسب في المكان المناسب"، أليس هذا إستخفافا بعقولنا، من السالب جدا إلى الموجب جدا، وألم يكن مازار بحاجة على الأقل أن لا يلفت إليه الأنظار ويبقي نفسه بعيدا عن الظل، لكن مصالحه الشخصية كرئيس لفريق شباب قسنطينة تكون قد دفعته لضرب تصريحاته وربما قناعاته عرض الحائط، فهو يؤمن على ما يبدو بالمثل الشعبي "قد الحصيرة مد رجليك"، الموقف نفسه كان مع حداج حيث تجاذب معه أطراف الحديث وكأن شيئا لم يكن من قبل كما فعلها مع مشرارة ويا سبحان مغير الأحوال..والمواقف والمعاطف. الرؤساء يتعانقون في الصالونات والأنصار يموتون في المدرجات لا يوجد تقريبا رئيس من فرق القسمين الأول والثاني ليست له صراعات مع أي كان، وتختلف أسباب هذه الصراعات لكن معظم هؤلاء الرؤساء يتشابهون بخصوص الذاكرة القصيرة التي يمتلكونه، فمن كان يصدق أن قرباج رئيس شباب بلوزداد ومنادي رئيس اتحاد عنابة سيتعانقا بعد 3 أيام فقط من التصريحات التي أدلى بها الأخير، وفتح فيها النار على الأول متهما إياه بالإستقبال السيء لفريقه أمر شكل مفاجأة، وكما يقال كثرة المفاجآت تقتل التشويق، حيث شوهد أيضا قرب حناشي رغم الإتهامات التي كالها كل طرف للآخر من قبل، من جهته هذا الأخير التقى سرار بشكل عادي وتحادثا بكل ود، وكأنهما حليفين أبدين رغم ما حدث لوفاق سطيف في تيزي وزو بمناسبة لقاء الفريقين، وهي صور تثبت أن هؤلاء لا يمتلكون وجوها بشرية وإنما وجوه كما يقال في التعبير العامي من "قصدير" يضعونها عند الحاجة لذلك من باب الضرورات التي لها أحكام. رجاء لا تصدقوهم يشعل هؤلاء الرؤساء النار بتصريحاتهم المثيرة والمشجعة على العنف، والتي تتجاوز كل خطوط المسموح ويشحنون جماهيرهم، ويحضرونها على كل إبداء كل تصرفات الشغب، فيتصرفون بطريقة قد تودي بهؤلاء المراهقين والأبرياء إلى غياهب السجن، ويومها لن يسمع بهم أحد، بل ولن يحضر محاكمتهم أحد، في حين يبقى هؤلاء الرؤساء يغيرون المعاطف والمواقف بطريقة لا يفعلها إلا من كان متمرسا في الكذب والنفاق، وهو الأمر الذي يدفع العاقل لأن لا يصدق هؤلاء الرؤساء فمصالحهم تهمهم أكثر من شيء آخر ومناصبهم أهم عندهم من الدنيا وما فيها، وليذهب المناصرون والمبادئ والرجولة إلى الجحيم...