وكيل الجمهورية التمس عقوبات بين 6 أشهر وعامين حبسا نافذا ضد المتهمين واصلت، صبيحة أمس، محكمة الحراش مناقشة تفاصيل الفضيحة التي ضربت قطاع التربية بجر 58 شخصا منهم مديرو مؤسسات ثانوية، مستشارون ومساعدون تربويون، نظراء وأولياء تلاميذ وتلاميذ سابقون على العدالة بعد ارتكابهم تجاوزات خطيرة تمس بمصداقية القطاع ككل وتفضح سياسية «النجاح غير المستحق»، من خلال تزوير شهادات انتقال غير قانونية، وتحويلات غير شرعية بين المؤسسات بشكل خارق للإجراءات المعمول بها والمقررة في مناشير صادرة عن الوزارة، والتي تقيد العمل الإداري الثانوي، والتورط في «إنجاح تلاميذ راسبين» بالتزوير وآخرين مطرودين بقرارات إدارية لضعف المستوى أو لأسباب أخرى، وكل ذلك مقابل عمولات وهدايا ثمينة . مدير التربية الوطنية الجزائر شرق بشهادته: «التحقيقات انطلقت ب 37 تلميذا راسبا تم إنجاحهم والعدد وصل إلى 200 تلميذ» انطلقت، صبيحة أمس، المحكمة بسماع تصريحات الشاهد مدير التربية للجزائر شرق السيد «ميخالدي اليامين» الذي أكد أنه بعد اكتشاف مجموع خروقات في التسيير الإداري بثانوية «مولود قاسم نايت بلقاسم» في الدار البيضاء تم تبليغ الجهات الوصية على مستوى وزارة التربية الوطنية، والتي تحركت بإرسال لجنة تحقيق مكونة من 5 مفتشين تربويين متخصصين في المالية وإدارة الثانويات، توصلت تحقيقاتهم التفتيشية إلى مجموع تجاوزات تخص إنجاح تلاميذ راسبين وتحويل آخرين إلى مؤسسات مجاورة وأخرى بولايات متفرقة على المستوى الوطني وإعطاءهم فرصة الانتقال إلى المستوى الأعلى من دون وجه حق بتزوير شهادات تحويل وانتقال، ضاربين بذلك مناشير وزارية عرض الحائط، والتي تم بموجبها تقييد الشكوى أمام الجهات الأمنية في حق جميع المتورطين. وأضاف مدير التربية بتصريحاته، أمس كشاهد، أن عملية إنقاذ التلاميذ من الرسوب تمس منذ التسعينات الطور الابتدائي والمتوسط فقط، وهو ما لا يسري على الطور الثانوي، رغم اكتشاف تطبيقه بهذا الطور منذ 2011 من دون وجه حق، وأكد أن استحداث الاستدراك بالنسبة لهذا الطور بدأ سنة 2015، وأكد أن كل ما سبق هذا التاريخ هو خرق للقانون، ونوّه بأن التلميذ الثانوي الراسب الذي تحصل على معدل سنوي بين 9 و9.99 من 20 يجتاز امتحان في مادتين أساسيتين في الشعبة مع بداية السنة الدراسية، ويجتمع بعدها مجلس الأقسام من أجل دراسة أحقية وأهلية التلميذ في الصعود إلى القسم الأعلى من عدمه. وعن عدم متابعة الأمين العام السابق للمديرية الذي كشفت التحقيقات إصداره لقرارات انتقال إلى القسم الأعلى ل 5 تلاميذ راسبين، فقد أكد مدير التربية الجزائر شرق، أن هذا الأجراء غير قانوني، وأشار إلى أن نتائج التحقيق الوزاري جاءت بعد إحالة هذا الأخير على التقاعد، كما أنه لم يستثنه من الشكوى التي قيدت ضد التلاميذ المزورين وكشفت عنهم التحقيقات التي انطلقت ب 37 تلميذا راسبا تم تحويلهم وإنجاحهم ووصل العدد إلى 200 تلميذ. وأضاف مدير التربية أنه على مديري التربية الالتزام بالمناشير الوزارية، وهو ما تم خرقه بشكل صارخ في القضية الحالية، ونوه أنه صادف في بداية السنة الدراسية 2016 حوالي 9 تلاميذ تحصلوا على معدلات 9 من 20 مرفقة بملاحظة الانتقال إلى القسم الأعلى. مدير التربية يؤكد: «غيرت أقفال مكتب مدير ثانوية نايت بلقاسم بعد علمي بمحاولته لطمس آثار تجاوزاته ليلا» وأضاف المدير أنه وبعد اكتشاف الخروقات تم إصدار قرار توقيف مدير ثانوية «مولود بلقاسم» بالدار البيضاء وتم استدعاؤه لحضور المجلس التأديبي وتغيب عنه بدعوى عطلة مرضية تم الطعن فيها، وتم توقيف المدير نهائيا، طعن فيه هذا الأخير أمام المحكمة الإدارية فصل فيه بإعادة الإدماج، بعدها تم الطعن لدى مجلس الدولة. ورد مدير التربية حول تغيير أقفال مكتب مدير ثانوية «مولود قاسم» واقتحامه لجمع دلائل تجاوزاته ونقلها بغية التحقيق فيها، أن مدير الثانوية أجبره على ذلك بعدما بلغه محاولة طمسه لآثار تجاوزاته بقصد لمكتبه ليلا. دفاع مديرية التربية الجزائر شرق: «الخروقات فضيحة لا تغتفر.. لا يمكن تحديد الضرر.. ودينار رمزي تعويض» دفاع مديرية التربية الجزائر- شرق الذي طلب تأسسه طرفا مدنيا في قضية الحال تطرق إلى جملة من الحقائق في القضية التي كشفت عنها التحقيقات التي توصلت إليها اللجنة الوزارية تصب في مجملها في نوعية الهدايا والعمولات التي دفعت من قبل التلاميذ الراسبين وأوليائهم للحصول على شهادة الانتقال من مدير ثانوية «مولود قاسم نايت بلقاسم» التي اتخذت كمحطة عبور، حيث أكد أن بعض التلاميذ والأولياء، أكدوا أنهم دفعوا كهدايا «بذلات رسمية» وعطور فاخرة للمدير من أجل الحصول على شهادة انتقال إلى القسم الأعلى، أو للتحويل إلى مؤسسات مجاورة، بالإضافة إلى مبالغ مالية سبق أن صرح بها بعض المتهمين سلمت لوسطاء تتراوح بين مليونين و20 مليون سنتيم. وأضاف الطرف المدني أن أحد المتهمين وهو مدير سابق لثانوية «طارق بن زياد»، صرح أنه بعد تحويل 6 تلاميذ راسل مدير ثانوية «مولود قاسم نايت بلقاسم» من أجل الحصول على ملفاتهم، إلا أنه لم يرد، إلى أن اكتشف أن جميع الوثائق التي أجريت بها عملية التحويل مزورة، وأن التلاميذ المحولين غير مسجلين أصلا بسجلات المؤسسة المحولين منها، وأكد الدفاع أن المتهمين في قضية الحال شكلوا شبكة متخصصة في تبييض المسار الدراسي للتلاميذ الراسبين والمطرودين، وتطرق أيضا إلى حالة تلميذ بالمتوسط تم تزوير له الوثائق وتسجيله في قائمة المترشحين لشهادة الباكالوريا واجتيازه لها مقابل 15 مليون سنتيم.
وقد رافع، أمس، وكيل الجمهورية لدى محكمة الحراش، تطرق خلال مرافعته إلى خطورة الوقائع، وأشار إلى أنه كان في وقت ليس ببعيد أولياء التلاميذ يسعون لإعادة أبنائهم السنة وعدم السماح لهم بالنجاح بمعدلات ضعيفة، وأن القضية الحالية تعبر على مدى الفساد الذي بلغته بعض الذهنيات بقطاع حساس كقطاع التربية، خاصة وأن التحريات كشفت أن ثانوية «مولود بلقاسم نايت بلقاسم» كانت عبارة عن محطة عبور للعديد من الملفات على مستوى الوطني بولايات مختلفة منها عين الدفلى، الشلف، بومرداس، تيبازة، وثانويات أخرى، حيث عمل مديرها على تحويل وإنجاح راسبين ومفصولين مقابل مزايا غير مستحقة، وإساءة استغلال الوظيفة له ولمديرين ومستشارين ومساعدين، وأضاف أن الثانوية محطة العبور قامت بإنجاح وتحويل 125 تلميذ بالتزوير، منهم من اجتازوا شهادة البكالوريا منهم من رسب ومنهم من نجح، وأن هؤلاء حاليا أمام مكتب قاضي الأحداث، والتمس وكيل الجمهورية أمس توقيع عقوبة عامين حبسا نافذا ضد كل من المدير السابق لثانوية «مولود قاسم نايت بلقاسم» والمدير السابق لثانوية «طارق بن زياد» ببراقي، والمديرة السابقة لثانوية «روشاي بوعلام» ضد الوسطاء الثلاثة، كما التمس السيد الوكيل توقيع عقوبة عام حبسا نافذا مع 200 ألف دج غرامة مالية ضد 7 آخرين منهم تلاميذ سابقون، وأولياء تلاميذ، وعقوبة 6 أشهر حبسا نافذا مع 20 ألف دج غرامة مالية ضد الباقين.