أثارت فتوى رسمية صادرة عن وزارة الأوقاف الكويتية توجب على الوزيرات والنائبات الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية، ومنها اللباس الشرعي، أزمة دستورية بعد أن دعا نواب برلمانيون الوزيرات والنائبات "غير المحجبات" بالاستقالة "احتراما للقانون والدستور". وقوبل نص الفتوى بهجوم عنيف ومتبادل بين أنصار التيار الليبرالي ممن اعتبروا الفتوى "ردة على الدستور وتحويلا للبلاد من بلد للقانون إلى بلد للفتاوى"، وبين أنصار التيار الإسلامي والقبلي الذين رأوا فيها "تأكيدا لمادة قانونية صوت عليها مجلس الأمة دون اعتراض". واستند النواب المطالبون باستقالة النائبات والوزيرات غير المحجبات، على نص المادة الأولى بالقانون رقم 17 لسنة 2005 بشأن انتخاب أعضاء مجلس الأمة، والتي نصت على أنه "يشترط للمرأة في الترشح والانتخابات الالتزام بالقواعد والأحكام المعتمدة في الشريعة الإسلامية" كما قرر في المادة (2) إلغاء كل حكم يخالف أحكام هذه المادة. وجاءت فتوى الوزارة ردا على سؤال للنائب المحسوب على التيار السلفي محمد هايف المطيري حول ما إذا كان اللباس الشرعي للمرأة المسلمة يعتبر إحدى القواعد والأحكام المعتمدة في الشريعة الإسلامية، التي يجب على المرأة الكويتية المسلمة الالتزام بها عند ممارستها لحقها السياسي، بصفتها نائبة أو وزيرة أو مرشحة أو ناخبة. النائبة رولا دشتي اعتبرت الفتوى مخالفة للأصول الدستورية واعتبرت النائبة رولا دشتي الفتوى "مخالفة للأصول الدستورية" وأوضحت أن "الدستور يدعو إلى احترام الحرية الشخصية دون نص خاص يلزم بالضوابط الشرعية" مشددة على أن "المرجعية الوحيدة بالنسبة إلينا هي الدستور". أما النائبة أسيل العوضي، فقد اعتبرت أن الإجبار على ارتداء الحجاب عمل "غير دستوري وغير قانوني" وأكدت أن الكويت "دولة مدنية يحكمها القانون ولا تحكمها الفتاوى الشرعية". وقالت في تصريحات صحفية "سنطبق الحكم الذي سيصدر عن المحكمة الدستورية مهما كان" معربة عن ثقتها واقتناعها "بوعي القضاة بأبعاد الحكم، حيث يمكن أن يشمل كل الموظفات في مؤسسات الدولة المختلفة". وبينما أيدت النائبتان معصومة المبارك وسلوى الجسار -اللتان ترتديان الحجاب- موقف زميلتيهما بمجلس الأمة، شدد النائبان جمعان الحربش وفلاح الصواغ على ضرورة احترام الفتوى، مستغربين ما أسمياه "هجوم بعض الأطراف عليها كأنها جاءت بشيء غريب" عن المجتمع الكويتي. محمد الدلال: القضية شائكة والفتوى ليست ملزمة من جهة أخرى يرى مراقبون أن نص الفتوى جاء مفسرا ومؤيدا للقانون الذي اشترط الالتزام بالزي الشرعي، والذي عرفته الفتوى بأنه "ما يستر عامة بدنها سوى الوجه والكفين..." وهو ما يعني "عدم شرعية" عضوية النائبتين أسيل العوضي ورولا دشتي في البرلمان والوزيرة موضي الحمود في الحكومة. ويعتبر هؤلاء المراقبون أن الانتخابات "باطلة" أيضا لأن عددا كبيرا من الناخبات كن من غير الملتزمات باللباس الشرعي الذي أوضحت الفتوى شروطه. وفي المقابل يرى الخبير الدستوري محمد الدلال أن الفتوى ليست ملزمة من الناحية القانونية، وأن دورها استشاري فقط، داعيا إلى تصدي المحكمة الدستورية لنص المادة المشار إليها حول شرط الالتزام، مع الاستفادة من روح الفتوى الصادرة باعتبارها "رأيا استشاريا داعما". وقال الدلال للجزيرة نت إن القضية "شائكة جدا" لأن "مادة الالتزام بالضوابط الشرعية المذكورة جاءت فضفاضة ويصعب تحديد المعنى المراد بها وحصره ضمن زاوية محددة". وأضاف أن القضية "تحتاج لجهد وجلسات معمقة ومكثفة من لدن المحكمة الدستورية صاحبة الرأي الفصل والأخير بالموضوع".