هكذا إستقبل السودانيون ضيوفهم فلقوا جزاء سنمار شنّت وسائل الإعلام المصرية، بإيعاز من السلطات الرسمية في القاهرة، خلال اليومين الماضيين، حملة تضليل إعلامية للحقائق تستهدف تشويه سمعة السودان شعبا وسلطة، على خلفية عدم التقبل المصري للهزيمة المذلة التي لقيها المنتخب المصري على يد نظيره الجزائري، وهي الهزيمة التي أراد المصريون محوها أو تناسيها، عبر السعي لاختلاق ''أعداء وهميين''، وتحويلهم إلى ''شماعة'' تُعلّق عليهم أسباب فشل ''الفراعنة'' في افتكاك تأشيرة المونديال عام 2010 بجنوب إفريقيا. ولعل ما زاد من المرارة التي أحس بها المصريون بعد هذه الهزيمة، هو أنهم لم يضيعوا فقط تأشيرة المشاركة في المونديال، وإنما ضيعوا أيضا ''سجلهم التجاري''، من خلال عدم تمكنهم من تمثيل العرب في العرس العالمي الكروي الذي ستحتضنه بلاد نيلسون مانديلا، وهو الأمر الذي يكون قد ضاعف من مرارة الإحساس بالفشل لدى النظام المصري وشرائح واسعة من المصريين، كونهم تعودوا دائما على التحدث أمام العرب بمنطق ''المنّة''، وكأنهم هم من سموا العرب عربا، أو تكرموا عليهم بنعم الله عز وجل. ما يجري هذه الأيام من تحامل غير مقبول على السودان الشقيق، بوصف سلطته على أنها لم تتكفل بأمن ضيوفه من المصريين، واتهامها بالتواطؤ فيما أسموه مؤامرة دبرها الجزائريون ضد ''آل فرعون''، وأيضا من خلال تصوير الشعب السوداني الشقيق على أنه ''غير مضياف''، يعتبر بكل المقاييس عار ما فوقه عار، يصدر من بلد كان بالأمس القريب يتغنى بشعارات الإخاء والنخوة والعروبة. فعندما تقول صحف ومعها فضائيات مصرية، بعضها مملوك من طرف الدولة وتعبر عن مواقفها، أن ''السودانيين لا يمكنهم أن يعترفوا بالمجازر التي قام بها الجزائريون في حق المصريين، لأن ذلك يدينهم''، فهذا معناه اتهام صريح وواضح من ''آل فرعون''، بوجود ظلم أوقعه الجزائريون على المصريين، وتواطأ في صنعه والتستر عليه السودانيين''، وعندما يتلفظ أكثر من مسؤول وإعلامي وفنان، وحتى نجل الرئيس المصري علاء مبارك، بعبارات تخدش كرامة العرب بدون استثناء، وتصورهم على أنهم لا شيء من دون المصريين، فهذا يعتبر مؤشر على أن المصريين أصبحوا يرون أنفسهم ''جنسا آريّا'' في قارة إفريقيا وبين سائر العرب، لهم الأفضلية على سائر الأقوام والشعوب في كل المجلات، مثلما الأحقية في العيش على حسابهم! عندما يرد المصريون على الجميل الذي قدمه الإخوة الأشقاء في السودان لكل ضيوفه من دون استثناء، بتنكر سافر، ويجري تصوير السلطات السودانية ومنها مصالح الأمن بشكل ساخر، وعلى أنها كانت مثل الهيكل بلا روح، ترى ولا تتحرك، فإن ذلك معناه أن شعب الفحل عمر حسن البشير قام بأفضال في غير محلها، وأنه انطبق عليه البيت الشعري المعروف ''إنك إن أكرمت الكريم ملكته.. وإن أكرمت اللئيم تمردا''. بعد كل الذي جرى ولا زال يحدث، لم يبق سوى أن نترك رسالة شكر وعرفان للأشقاء في السودان، وبالأخص في أم درمان، فيما يبقى عليهم أن يميزوا بين الكريم واللئيم.