تفاجأ الرأي العام الوطني والدولي، بالانحدار الذي آل إليه الخطاب السياسي والإعلامي المصري حيال الجزائر، لاسيما بعد أن فاز الفريق الوطني على الفريق المصري وتأهله عن جدارة واستحقاق للمونديال بعد استماتة لا تقهر وهبة شعبية تضامنية لا نظير لها. وكان حريا بالشعب المصري وسلطاته الاعتراف بالهزيمة الرياضية بعد انتهاء المقابلة الفاصلة بين الفريقين بأم درمان بالسودان لصالح الجزائر، وجعل ذلك مقدمة لتصحيح ما صدر عن الطرف المصري من تقصير بين للعيان، وعلى مرأى العالم كله، قبل انطلاق مباراة القاهرة وما تعرض له أعضاء الفريق الوطني الجزائري من اعتداء وحشي، وبعد المباراة وما لقيه أنصاره من اعتداءات فاقت كل خيال وأمام مرأى السلطات المصرية وقوات أمنها التي رتبت كل شيء من أجل الاعتداء المبيت والظالم على البعثة الجزائرية إلا أن الطرف المصري أخذته العزة بالإثم، وها هو الرأي العام الوطني والدولي يتفاجأ بتصريحات رسمية مصرية متهجمة وهي تفوح من نتن المعلمومات الخاطئة والمفبركة بادعائها وقوع اعتداءات من مناصرين للفريق الوطني ضد مناصري الفريق المصري، وهو الادعاء الذي يجافي الحقيقة حسب شهادات كل الأطراف المتواجدة بالخرطوم ولا سيما بيان وزير الصحة "السوداني" الذي أكد أن الإعلام المصري يعمل على تهويل وتشويه الحقائق بغرض التقليل من الفوز المستحق للفريق الوطني الجزائري، وذكر الوزير السوداني أن ما يشيعه الطرف المصري من اعتداءات على أنصاره هو مجرد اصابة مناصرين اثنين بجروح طفيفة وبسيطة. وبدل أن يستدرك الطرف المصري انحداره الدبلوماسي والسلوكي بالاعتراف بالهزيمة وتهنئة الفريق الوطني بفوزه النظيف في الميدان، تلطيفا للأجواء الساخنة التي أعقبت التعدي المعتمد على الفريق الوطني وأنصاره بالقاهرة، استمر الموقف المصري في التصعيد من خلال الإعلان المسبق عن استدعاء سفير الجزائربالقاهرة أول أمس إلى وزارة الخارجية في الوقت الذي عملت فيه الجزائر منذ الوهلة الأولى على التهدئة وتجنب كل ما من شأنه أن يسيئ للعلاقات بين البلدين وذلك رغم التجاوزات الخطيرة التي حدثت بالقاهرة من اعتداء متعمد على حافلة الفريق الوطني والمضايقات التي تعرض لها الوفد الرسمي المرافق للفريق الوطني والتعدي الجسدي على أنصار الخضر ومارافق ذلك من الضغوط النفسية والحملة الإعلامية الشرسة من مختلف وسائل الإعلام المصرية التي صارت مرتعا لكل من يريد التهجم على الشعب الجزائري ووصفه بنعوت لا تنطبق في حقيقة الأمر إلا على من ينطقون بهذه الأوصاف كيف لا، والكل يعرف من العرب والعجم، أنه لو أراد الأمن المصري ألا يسمح بسقوط شعرة من رأس مناصر جزائري سقوطا حرا، لفعل ذلك، ولكان ذلك بمستطاعه. وعلى العكس من تصريحات الطرف المصري، أكد المسؤولون الجزائريون، منذ البداية، مسؤولياتهم في حماية الرعايا الأجانب وممتلكاتهم بما فيها ما يتعلق بالرعايا الأشقاء من جمهورية مصر، مدركين أن تواجدهم في الجزائر يعود إلى عراقة العلاقات بين البلدين. ولكن دعنا من كل هذا، ولنتساءل إلى أين مستقر كل هذا التصعيد الإعلامي الرسمي المصري؟ إن هذه العنجهية وهذا التعجرف إنما يزيد الشعب المصري عزلة بين العرب والعجم على حد سواء، فمصر لم تكن في تاريخها الحديث، على الأقل، محترمة وشقيقة، إلا ضمن قيم التواضع والأخوة العربية والمواقف القومية التي لا تغدر بالشقيق، ولا تشمت فيه.