أشهر أعلام أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم الذين كان لهم دور كبير في تاريخ الإسلام، في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته، ابن عمه أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، بن أبي طالب بن عبد المطلب. وقد بدأت قناة المستقلة تقديم سيرته منذ يوم الأحد في ندوات حوارية مباشرة تبث يوميا في السابعة وعشرين دقيقة مساء بتوقيت الجزائر، من بعد أن قدمت سيرة الخلفاء الراشدين الذين سبقوه في الحكم، الصديق والفاروق وعثمان ذو النورين رضي الله عنهم جميعا. كنت قد نشرت نبذة مختصرة عن سيرة الإمام علي رضي الله عنه في كتاب مشترك أصدرته العام الماضي مع الشيخ الدكتور عائض القرني بعنوان "مودة أهل البيت عند أهل السنة". ذكرت في هذا الكتاب أن علاقة خاصة جمعت بين رسول الله صلى الله عليه وسلم والإمام علي منذ صغره. ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى أن عمه أبا طالب قد ساءت ظروفه المادية بسبب كثرة عياله وبسبب ضائقة اقتصادية ألمت بقريش كلها، وأراد أن يتخذ مبادرة تعبر عما يكنه لعمه من محبة وتقدير، فاقترح على العباس بن عبد المطلب، وهو أيضا عمه، أن يكفل كل واحد منهما ابنا من أبناء أبي طالب فيخففان من أعبائه ويعينانه على تكاليف الحياة. جاء في السيرة النبوية لابن هشام: "كان من نعمة الله على علي بن أبي طالب، ومما صنع الله له وأراده به من الخير، أن قريشا أصابتهم أزمة شديدة، وكان أبو طالب ذا عيال كثير. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس عمه، وكان من أيسر بني هاشم: يا عباس إن أخاك أبا طالب كثير العيال، وقد أصاب الناس ما ترى من هذه الأزمة، فانطلق بنا إليه فلنخقفف عنه من عياله، آخذ من بنيه رجلا، وتأخذ أنت رجلا، فنكلهما عنه. فقال العباس: نعم. فانطلقا حتى أتيا أبا طالب، فقالا له: إنا نريد أن نخفف عنك من عيالك حتى ينكشف عن الناس ما هم فيه. فقال لهما أبو طالب: "إذا تركتما لي عقيلا فاصنعا ما شئتما. فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا فضمه إليه. وأخذ العباس جعفرا فضمه إليه. فلم يزل علي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بعثه الله تبارك وتعالى نبيا، فاتبعه على رضي الله عنه وآمن به وصدقه. ولم يزل جعفر عند العباس حتى أسلم واستغنى عنه". هكذا نشأ علي بن أبي طالب في أكرم وأشرف بيت على وجه الأرض. كان صبيا لم يتمم عقده الأول عندما نزل الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم وصدقه ودخل في الإسلام، ليكون بذلك أول المسلمين من الصبيان. ترعرع الصبي في أجواء الذكر والصلاة والقرآن، وشهد يوميات المرحلة المكية من الدعوة إلى الدين الإسلامي، وترسخت في نفسه أخلاق الإسلام، ومحبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. ولما حان وقت هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى يثرب، قررت قريش اغتياله في مؤامرة دنيئة اقترحها أبو جهل. (أواصل غدا إن شاء الله تعالى)