استفادة مجانين ومساجين ومغتربين من شقق يؤجّج غضبهم يبدو أن ملف عمارات الطليان لم يطو بشكل نهائي، ولم تحل جميع مشاكله بعد، وعاد الحديث عنه للواجهة من جديد، عندما وجدت أكثر من 40 عائلة مقصية نفسها مضطرة للخروج إلى الشارع في اليوم الثاني على التوالي، للمطالبة بحقها في الاستفادة من مساكن لائقة، وكانت وجهة العائلات منذ الساعات الأولى من صبيحة نهار أمس، مقر دائرة وهران. تجمع المحتجون ببهو الإدارة وكلهم ينادون بمطلب واحد، وهو إنصافهم واسترداد حقهم في الظفر بشقة وإعادة النظر في طريقة انتقاء المستفيدين، والتي شابها الكثير من الغموض واللبس. فيما تنقل أربعة من ممثليهم إلى مكتب رئيس الدائرة، غير أنهم لم يتمكنوا من التواصل معه لارتباطه بانشغالات أخرى، وحولوا إلى مقر الأمن، أين وقعوا على إقرار بعدم غلق الطريق في خطوة خيّبت آمال العشرات من قاطني عمارات الطاليان المقصيين من ثلاث قوائم أفرج عنها بعد دراسة ملفات الطعون. وحسب هؤلاء ممن تحدثنا إليهم داخل مقر الدائرة، فإن عملية انتقاء المستفيدين لم تكن شفافة ونزيهة، وصاحبها الكثير من التجاوزات وطرحت علامات الاستفهام في أحقية البعض من المدرجة أسماؤهم وإقصاء آخرين من دون وجه حق قصدا، بالرغم من أنهم يقطنون بحي خميستي منذ ثلاثة عقود. ورغم الطعون المقدمة من طرفهم على مستوى الدائرة، إلّا أنهم ظلوا عالقين ولم يدرجوا ضمن المستفيدين في القائمة مفرج عنها، مؤخرا، والتي ضمت 200 مستفيد من بينهم أشخاص غرباء أقحمت أسماؤهم للحصول على شقق وإبعاد مستحقيها الحقيقيين. والأكثر من ذلك حسب تصريحات بعض المحتجين فإن نحو 30 شخصا أدرجت أسماؤهم بقائمة المستفدين، وهم لا يمتون بأي صلة لقاطني عمارات الطاليان. مشيرين في هذا الصدد إلى تلاعبات خطيرة وقعت بالملف، خاصة وأن لجنة التحقيق الولائية لم تتكفل بدراسة حالات المقصيين كما جرت العادة، وإنما أوكلت المهمة هذه المرة للجنة الحي فقط، وهو ما أحدث خروقات في العملية، على حد وصف المحتجين. حيث راحوا يفصلون القائمة على مقاسهم ومن دون اعتبارات مؤسسة، وتم انتقاء بعض الأسماء على أساس المحاباة والمحسوبية وعلى حساب ذوي الحقوق. وهو ما أحدث حالة من السخط والاستياء وسط المقصيين، مستغربين الطريقة التي تمت بها معالجة ملف عمارات الطليان التي غاب فيها المنطق والعدل والإنصاف؛ فكيف يعقل – حسبهم – أن يتحصل مجانين ومحبوسون ومغتربون بإسبانيا والمغرب والسعودية من شقق وتحرم أرامل ومطلقات من مسكن يحميهن وأطفالهن. في نفس السياق، أشار بعضهم إلى المحاباة التي اعتمدها بعض أعضاء لجان الحي، حيث استفادوا من 6 إلى 8 شقق لأفراد عائلاتهم من أبناء عزاب وقصر وشقيقات لهم يقطن في ولايات أخرى وضيوف وحتى صاحب مقهى بمطلع الفجر لا صلة له بالحي، وآخرين قدموا عقودا ودفاتر عائلية مضروبة للظفر بشقة العمر على حساب حق أبناء الحي الأصليين ممن يعيشون أوضاعا اجتماعية قاهرة وخانقة، الذين وجدوا أنفسهم في دوامة كبيرة ويغرقون في معاناتهم. فضلا عن تحصل عائلات تقطن بشقة مكونة من ثلاث غرف على خمسة مساكن اجتماعية جديدة، فيما لا يستفيد أصحاب الشقة المكونة من أربع غرف سوى من شقة سكنية واحدة بالمجمّع السكني الجديد. وتحدث المحتجون عن ممارسات مريبة في توزيع قرارات الاستفادة، والتي جرت في حدود التاسعة والنصف ليلا، من طرف أعضاء لجنة الحي، خلال عطلة الأسبوع، والكل أجمع على مسؤولية لجنة الحي المكلفة هي من أغرقهم في هذا الوضع، والذي نصّب أعضاؤها أنفسهم من دون رخصة ومن دون تزكية من سكان الحي كمشرفين على تسيير هذا الملف وفق أهوائهم ومصالحهم ومن دون مراعاة لحقوق الناس المهضومة، أمام تنصل الإدارة من أداء مهامها، مما جعل مصير العائلات المقصية على المحك. لتناشد في صرخة استغاثة وزير السكن لإعادة النظر في الملف وإيفاد لجنة لفتح تحقيق فجائي تشارك فيه جميع المصالح المعنية من ديوان الترقية والتسيير العقاري والحماية المدنية والبلدية والدائرة للبت في قائمة 500 ساكن والتقصي في هوية سكان العمارة 25 بحي خميستي المعروفة بعمارة الطاليان. من خلال الوثائق الرسمية لبطاقة التعريف والدفتر العائلي وبطاقة الناخب، وذلك بكل مصداقية وشفافية وبعيدا عن كل التلاعبات والممارسات التي من شأنها الإضرار بحقوق العائلات المقصية والعبث بمصيرها.