زارت "النهار" المطربة الكبيرة السيدة سلوى في بيتها الأنيق بدالي ابراهيم، لتطمئن على صحتها وتطلع على جديدها ومشاريعها، خاصة وأنها تقريبا المطربة الجزائرية الوحيدة الباقية من زمن الفن الجميل بعد وفاة المطربة السورية الأصل نادية كرباش. رغم أن السيدة سلوى قررت الإبتعاد عن الحوارات الصحفية منذ فترة طويلة، إلا أنها قبلت دعوتنا وسجلنا لكم معها هذا الحوار رغم نفسيتها التي كانت متأثرة جدا، بفقدانها لصديقتها الأولى في الساحة الفنية المطربة نادية. "النهار": نعزيك في زميلتك المطربة نادية ونعزي الفن الجزائري بفقدان هذه الإنسانة الكريمة جدا؟ سلوى: أشكركم وأشكر كل الذين اتصلوا بي لتقديم تعازيهم، تأثرت كثيرا لفقدانها، لأنها كانت بمثابة أخت أكثر منها زميلة في الميدان الفني، لكن المطربة نادية أعطت كل ما تملكه من قوة وفن وحب و إخلاص للأغنية والفن عموما في الجزائر، رغم أنها من أصل سوري ، التقت مع الملحن ميسوم الذي أعجب بصوتها عندما كانت في باريس مع زوجها الملحن السوري تيسير عقلة، فجاءت للجزائر ولم تبارحها بعد ذلك، المطربة نادية كانت إنسانة كريمة جدا مع الجميع ومخلصة لفنها سواء في الإذاعة أو التلفزيون أو على المسرح، وهذا ما جعل كل الناس تحبها وتحترمها رحمها الله وأسكنها فسيح جناته. ما هو الشيء الذي ترك المطربة سلوى تعود إلى الغناء بعد توقف دام أكثر من عشر سنوات؟ حب الفن أولا والتألم لما يحصل في عالم الأغنية الجزائرية التي تراجعت كثيرا وغابت عن المحافل الدولية، أنا لا أعتقد أن أغنية الراي، مع أن أجمل الأصوات تغنت بهذا النوع من الغناء الجزائري، الطابع الجزائري الوحيد الذي يمكنه أن يمثلنا في الخارج، عندنا طبوع كثيرة جدا يتمتع المستمع بها مثل المالوف والحوزي والسطايفي والعاصمي والقبائلي، يجب أن يعرف العالم أننا بلد كبير وعندنا عدة طبوع وكلها جميلة، كما أن بعض المطربين اليوم أصبحوا يجرون وراء المادة أكثر منها من خدمة الأغنية الجزائرية، مثلما كنّا نفعل زمان ،تألمت كثيرا لما آلت إليه الأغنية الجزائرية، وهذا ما جعلني أعود لأعطي دفعا آخرا للساحة الفنية الجزائرية، ربما نعود لزمن الفن الجميل مثل زمان. لكن كل العالم تغير وحتى اهتمامات الجمهور تغيرت وأصبح الجمهور يهتم بالطقطوقات والحركات فوق المسرح، وحتى لباس المطربين تغير، كيف للفنان الجزائري الإحتفاظ بالطريقة القديمة؟ هذه الفكرة أصبحت مسيطرة على أفكار شبابنا، وإنما لا أريد أن يفكر مسؤولون بهذه الطريقة، لأنه كل مجال عنده عادات وتقاليد يجب أن يسير عليها ولا نفرط فيها، صحيح التجديد شيء جيد وممتاز لكن الإحتفاظ على التقاليد شيء أجمل وأحسن، وهذا ما يجعل الشعوب الأخرى تحترمك أكثر، لأنك لم تفرط في شخصيتك وشخصية بلدك. أنا لا أقول أنه يجب أن يبقى الشباب مثل زمان في كل المستويات، لكن الجديد حبو والقديم لا تفرط فيه. زمان الفنان كان يعطي أهمية كبيرة جدا للباس وحركاته فوق المسرح، الآن أرى أن كل شيء تلقائي و استر جال، هذا شيء جميل؛ لكن ليس كل الجمهور الجزائري شاب و يحب هذا التجديد. يبدو انك غير راضية على كل ما يقوم به الشباب؟ لا أبدا هنا؛ بعض الفنانين أحب طريقتهم وأسلوبهم كثيرا في الساحة الفنية، ولا أريد أن أذكر أسماء لكي لا يغضب منّي البعض الآخر، و في نفس الوقت، هناك الكثير من الأصوات لا مكانة لها في الساحة الفنية ويسيئون للأغنية أكثر مما يخدمونها والدليل، الكثير من الفنانين أعادوا مجموعة من الأغاني القديمة فشوهوها، من بينها أغانيا، صدقوني لو أضافوا لها شيء عندما أعادوها والله لن أغضب، لكنهم شوهوها كثيرا، والغريب أنهم لم يتصلوا بي ولم يطلبوا الإذن، إلا المطربة ندى الريحان التي أحب طريقة غنائها وصوتها وأسلوبها في الحياة، يجب أن يهتم المسؤولون بهؤلاء الشباب ويوجهوهم، لكي لا يسقطوا في الهاوية ويضيعوا أكثر مما هم ضائعون. سبق لك وأشرفت على برنامج ألحان وشباب، وتخرجت على يدك أجمل الأصوات التي تصنع أفراح الأغنية الجزائرية اليوم، ما رأيك في الطريقة الجديدة لهذا البرنامج، وهل أنت راضية على المواهب المقدمة؟ زمان كانت الأصوات الشابة التي تتقدم إلى برنامج "ألحان و شباب"، تؤدي النوع الذي تجد نفسها فيه وتحبه وتتقنه، الآن لا أدري لماذا يطلبون من المترشحين أداء أغاني بالشرقية والفرنسية و الإنجليزية لشاب يريد مثلا الإختصاص في الأغنية الشاوية أو القبائلية أو العاصمية، كنت سعيدة جدا عندما كنت أوجه الأصوات الشابة، لأنهم كانوا يستمعون إلى النصائح وتخرجت على يدي أصوات ممتازة من بينها المطربة نادية بن يوسف والمطربة نرجس ويوسف بوخنتاش وآخرون. أتمنى أن يستمع لي المشرفون على برنامج "ألحان وشباب "اليوم، و يتصلوا بي لكي أقدم لهم نصائح وكلنا في خدمة الأغنية الجزائرية التي تعبر عن ثقافة شعب وتاريخه. سمعنا أنك عدت لكتابة الأغاني مثل الماضي وعندك مشروع جميل جدا؟ صحيح عندي مجموعة كبيرة جدا من الأفكار الممتازة، لحد الساعة كتبت حوالي أربعة أغاني من أجمل المواضيع، سامحوني لا أستطيع أن أتكلم عليها، لأن السرقات أصبحت تميز الساحة الفنية الجزائرية، لهذا لا أستطيع أن أعطي العناوين ولا حتى المواضيع، أنا في صدد البحث على منتج، ولا أبحث على المادة بقدر ما أبحث على من يحسن تسويقها وتوزيعها في كل الأنحاء الوطن، لأن مواضيعها تتماشى مع كل زمان ومكان ومن المجتمع الجزائري المحض، كما أنني أتساءل عن عدم برمجتي في المحافل الكبرى. ربما يقولون أن السيدة سلوى ترفض الغناء مع المطربين الشباب في حفل واحد وتطلب دائما برمجتها في حفل فردي؟ صحيح أنا شخصيا أتمنى أن ينظّم حفلات خاصة بي، فأنا بكل تواضع عندي اسمي ومكانتي في الساحة الفنية، سواء في الداخل أو الخارج، سبق لي ومثلت الجزائر تقريبا في كل البلدان العربية من شرقها إلى غربها، الجمهور العربي يعرفني عن قرب، والدليل تكريمي عدة مرات، وكانت آخرها في المغرب الشقيق، كما أنني لا أرفض إذا كان الحفل كبير ولشخصيات في الدولة ويقاسمني فيه أصوات ممتازة.