يقف المسرح الوطني يوم 4 سبتمبر المقبل وقفة عرفان وتقدير للفنانة الكبيرة سلوى، التي تركت بصمتها الخاصة في الأغنية الجزائرية بكل طبوعها، والتي صالت وجالت مشرقا ومغربا للتعريف بها، إضافة الى سيرتها الفنية والشخصية التي سجلت الكثير من الأحداث والذكريات. السيدة سلوى أو نميتي فطومة المولودة بالبليدة سنة 1935، ترعرعت موهبتها الفنية من خلال الحصص الصبيانية بإذاعة الجزائر، إلى أن اشتركت مع الراحل محي الدين بشطارزي في المسرح الإذاعي. في سنة 1959 طارت سلوى الى العاصمة الفرنسية باريس، لتلتقي بالسيد الحاج عمر وهو فنان كبير مقيم في ديار الغربة (توفي سنة 1982)، الذي قدمها بدوره الى أخيه الفنان الكبير عمراوي ميسوم، هذا الأخير الذي اقترح عليها الغناء، وبالفعل دخلت سلوى التجربة بكل ثقلها فأعادت أداء بعض أغاني المطربة ليلى الجزائرية، منها أغنية" يا حليوة" "بان الفجر وغنى الليل" و"يا بنت بلادي"... في سنة 1960 أدت سلوى رائعة " لالا أمينة" التي سجلت أكبر المبيعات في فرنسا، وهي من كلمات الحبيب حشلاف وتلحين عمراوي ميسوم، هذه الأغنية التي لا تزال مطلوبة الى أيامنا سواء من الجمهور الجزائري أو المغربي، وهذا النجاح منقطع النظير، كانت قد تنبأت به الراحلة حميدة أخت السيدة سلوى، التي شجعتها على أداء هذه الأغنية، وبالفعل فقد زاحمت هذه الأغنية في مبيعاتها أغنية الفنان أونريكو ماسياس (غادرت بلادي)، وأغنية ميلور في بداية الستينيات، وواصلت الفنانة سلوى مشوارها بخطى ثابتة فنتج عنه أداؤها لأغنية "يا اولاد الحومة" للثنائي الحبيب حشلاف وعمراوي ميسوم، ومع نفس الثنائي أدت أغنية "كيف رايي هملني" سنة 1962 مع مؤسسة التسجيل "باتي ماركومي" التي يملكها جزائري وتتعامل مع الجوق الموسيقى لميسوم (تضم عازفين محترفين من الجزائر وتونس، على غرار قدور شرشالي، محمد كعبور، إبراهيم المغربي، وكاكينو تيباز). وأشار الباحث الموسيقى عبد القادر بن دعماش، الى أن من أهم من تعاملت معهم سلوى، الراحل الفنان الكبير رضا فلكي (حمو)، الذي كان مسؤول الحصص (خاصة الصبيانية) بإذاعة الجزائر، والذي غادر الى بلجيكا حتى سنة 1992 عندما كرمته وزارة الثقافة ليموت بعدها بقليل. دخلت السيدة سلوى الجزائر غداة الاستقلال وأحيت العديد من الحفلات.. في سنة 1963 رحلت سلوى الى المشرق (مصر، سوريا، لبنان، العراق ) ومكثت هناك حوالي سنتين لتعيش مع الوسط الفني وتتعرف على أكبر الموسيقيين، بعدها كانت الوجهة الى المغرب وتعاملت فيه مع كبار الملحنين منهم عبد السلام عامر وإبراهيم العلمي. بعدما ضمنت السيدة سلوى مكانتها في الساحة، التفتت بعدها الى النوع الحوزي، خاصة بعد وفاة الراحلة فضيلة ادزيرية، وفي هذه الأثناء نصحها الفنان مصطفى كشكول بمقابلة عبد الكريم دالي (كان جارها) والذي تكفل بتعليمها أصول الحوزي، وهكذا تمكنت سلوى من تسجيل "الحوازة" و" الأندلسي". مرحلة أخرى دخلتها السيدة سلوى في مشوارها الفني، حين تعاملت مع الراحل معطي بشير وأدت له بعض الطقطوقات، منها" أنا غزالي" وغيرها، والتي أعاد بعض الفنانين مؤخرا أداءها، إضافة الى نجاحها على مستوى الأغنية، سواء في الجزائر أو في فرنسا.. علما أنها تحصلات في باريس على جائزة بعدما تجاوزت مبيعاتها في بداية الستينيات مائة ألف أسطوانة عن (أغنية كيف رايي هملني) لم يقتصر مشوار السيدة سلوى على العناء فقط، فإضافة الى اشتراكها في بداياتها مع فرق "الكورال" وفي دبلجة الأفلام والحصص، لمعت سلوى أيضا في مجال التنشيط الإذاعي والتلفزيوني، فقد اشتهرت السيدة سلوى كثيرا بحصصها التي كانت تقدم بإذاعة باريس، خاصة من طرف المغتربين، كما لاقت حصة " ألحان وشباب " التي كانت تنشطها في بداية الثمانينيات صدى واسعا لدى الجمهور الجزائري، وأظهرت من خلالها حضورا قويا ومتميزا بمهارتها في التنشيط وبحوارها الراقي، وبصورتها الجميلة والأنيقة، التي يبدو أنها لم تتكرر. اقتحمت سلوى أيضا الشاشة الفضية وبجرأة، حيث شاركت الراحل رويشد في فيلم " حسن نية" بداية الثمانينيات، وعلى الرغم من نجاحها إلا أنها لم تكرر التجربة. تعود سلوى بعد غياب طويل لتصعد بخطواتها الثابتة المنصة وتغرد من جديد، لا لشيء سوى لتذكر من نسي بأمجاد الأغنية الجزائرية، وسجلت وثيقة العودة من على ركح المسرح الروماني بباتنة، حيث شاركت ضمن فعاليات مهرجان " تيماد" الدولي، وحظيت باهتمام الجمهور وبتكرم وزيرة الثقافة خليدة تومي.