أنا فتاة في 29 من عمري، ، كنت أحيا حياة هادئة مطمئنة يميزها النّعيم المقيم لأنّي أنتمي لعائلة فاحشة الثّراء، فجأة انقلبت حياتي رأسا على عقب لأجد نفسي في نهاية المطاف وراء القضبان محكوم عليّ بسنوات سجن، إن هذا الإنقلاب الرّهيب الذي طرأ على حياتي سببه رجل تعرفت عليه في إحدى الحفلات العملية، التي ينظّمها والدي مرة أو مرتين في السنة، هذا الرّجل الخبيث أوهمني بأنه يحبني وفعل المستحيل ليؤكد حقيقة هذا الحب، هذا ما جعلني أضعف وأسقط في شباك هذا الحب المسموم. إنّ سقوطي الحرّ في هوى حبه دفعه إلى استغلالي أسوأ استغلال لتمرير مخططاته الشيطانية، فقد استغل اسمي وجمالي في عقد صفقات كثيرة، معرضا إياي لمواقف مخزية، ومع ذلك أغمضت عيناي وبلعت ريقي، سامحته وفي آخر المطاف استغل رحلتي إلى فرنسا ومرّر معي كيسا طلب منّي أن أضعه في يد صديق له أعطاني رقم هاتفه وعنوانه، تخيلت أن يكون فيه أي شيء إلاّ المخدّرات، ولكن للأسف كانت هي، هكذا ألقي القبض عليّ واتهمت بالحيازة والمتاجرة في المخدّرات، أهلي انهاروا لما سمعوا بقضيتي، ووالدي تبرّأ منّي ولولا تدخل النّاس وإرغامه على توكيل محامي كفء ليمسك قضيتي لما فعل، والآن أنا وحيدة في السّجن، أهلي تخلوا عنّي بعد أن شوّهت سمعتهم ووالدي سكن الفراش بسبب الصدمة العنيفة التي تلقاها جزاء فعلتي، أما الإنسان الوغد الذي أوصلني إلى السجن فرّ هاربا إلى الخارج، تاركا إياي غارقة في بحر الضّياع. لم أستطع تصديق ما حدث لي وكأنّني أحيا تفاصيل كابوس أنتظر أن أستفيق منه وأنهيه إلى الأبد، ولكن هذا الكابوس لن ينتهي لأنّه أضحى حياتي ومصيري. لا أتمكن من وصف حالتي لك، أنا شبه ميتة لا أقوى حتّى على النهوض من مكاني، أشعر وكأن الدنيا تلف بي ومن حين إلى آخر تصفعني صفعة قاتلة تشل كل شيء فيّ، أرجوك قولي لي ماذا أفعل للتخلص من هذه الحالة؟ رتيبة / تيارت الرد: كان عليك ألا تنشئي علاقة حيميمة مع إنسان لا تعرفي عنه وعن ماضيه شيئا، كان من المفروض أن تكوني حرة معه، خاصة وأنه عرّضك لمواقف قلت عنها بذاتك أنها مخزية. عزيزتي؛ الآن ما فات قد فات ولا داعي لتجديد المآسي والجراح والوقوف على الأطلال، ولكن يجب أن تكوني قوية ومتماسكة حتى تتمكني من الإستفادة من هذه التجربة القاسية. ولا يمكنك في واقع الأمر أن تكوني قوية، إلاّ إذا عدت إلى الله عز وجل ووثقت علاقتك به، عن طريق الإكثار من الصلاة والدعاء والإستغفار، وقراءة القرآن والتّضرع وقيام اللّيل، وما إلى ذلك من الأعمال الصّالحة التي تنفس كربتك وتجعلك تتأقلمين مع واقعك مهما كان صعبا وقاسيا. عزيزتي، إنّ الإستسلام لليأس لن يفيدك في شيء، حاولي أن تحصديه من حياتك بالتّوكل على الله وحسن الظّن به والأمل في فرجه وفتحه. أما بالنسبة لأهلك، فلا تغضبي منهم ولا تحقدي عليهم، فالصّدمة كانت قوية عليهم لدرجة أنّها جمّدت عواطفهم، لذا أريدك أن تستنجديهم وتستعطفيهم وتطلبي السّماح والعفو منهم وأنت الآن حرّة يمكنك فعل ذلك. عزيزتي؛ استثمري وقتك للقيام بأشياء نافعة تعيد لك الثّقة في نفسك والأمل في الحياة، كأن تحفظي القرآن والأحاديث، وما إلى ذلك من الأعمال التي تجعل منك إنسانة نافعة أينما كنت أعانك الله. ردت نور