شاب نشأ في بيت متدين بين والدين صالحين، كان ابنهم الوحيد، فكانا يحرصان دائما على تنشئته تنشئة صالحة ويحثانه على التمسك بالأخلاق والإستقامة، وما إن قارب سن البلوغ حتّى انجرف مع التيار وانساق وراء الأهواء والنزوات والرغبات، وإليكم قصة هذا الشاب، حيث يقول في ذلك: قصتي طويلة ومؤلمة، ولكن على الرّغم من ذلك أود أن أطلع عليها القراء لأخذ العبرة، كنت أعيش في أسرة مستقرة بين أبوين، حاولا تنشئتي تنشئة جيدة صالحة وكانا يعلماني الحلال من الحرام، والصواب من الخطأ ولكن... عندما بلغت سن الشباب بالتحديد عمر 20 بدأت أنجرف مع تيار الأهواء والانزلاق في طريق الهاوية، وحدث ذلك عندما صاحبت بعض الأصدقاء الذين يتسمون بالطيش، إضافة إلى المغريات التي أجدها في كل مكان حولي، لذلك غدوت شابا طائشا أفعل كل ما يخطر على البال، وأمورا لا يقبلها الله والمجتمع، حيث تعددت علاقاتي مع الفتيات. واستمرت حياتي على هذا المنوال لسنوات عديدة. ولم أكن أهتم لكلام أسرتي سواء والدي أو والدتي، بالإضافة إلى ذلك كانت قيادتي متهورة، فدائما ما أقود السيارة بسرعة فائقة، وفي بعض الأحيان أقوم وبعض الأصدقاء بالتحدي في السباق غير مراعيين لقانون المرور، حتّى حدث موقف غير حياتي تماما. قبل ثلاث سنوات تعرفت على فتاة أوهمتها بالحب والزواج، ثم طلبت منها أن ألتقي بها في مكان خاص. ولكنها رفضت فصممت أنا على ذلك اللقاء، وأقنعتها أنني لن أفعل لها أي شيء، وحتى نكون على راحتنا فقط، ولا يرانا أحد من المتطفلين، وبالفعل وافقت وذهبنا إلى المكان الذي أعددته مسبقا، وهناك توددت إليها وعندما رفضت أمسكتها بقوة حتى نلت منها مرادي وهي كارهة مجبرة، وبعد ذلك أرجعتها إلى مكان قريب من منزل أسرتها، أنزلتها باكية مكسورة، مهزومة لكن قلبي كان كالحجر لم يتأثر أبدا بحالتها المزرية هذه رغم أنني السبب في ذلك. بعد الحادثة بأسبوع تلقيت اتصالا من أهلها فأغلقت الهاتف، وفي اليوم التالي جاء والدها إلى منزل أهلي فأخبر والدي بما حدث بيني وبين ابنته.. فصدم والدي من ذلك، وسألني إذا كنت فعلت ذلك، فأنكرت وقلت إن تلك الفتاة تظلمني لأنّي لم أرضخ لتحرشها، فهي دائما تلاحقني وتطاردني باتصالاتها، ولما يئست من استجابتي لها اتهمتني بذلك، وانتهى الأمر بتصديقي وعدم صحة ادعاء الفتاة. وبعد يومين تنامى إلى مسامعي أن هذه الفتاة أصيبت بهستيريا، نقلت على إثرها إلى الطب النفسي.. بينما أنا قررت السفر بسيارتي إلى مدينة وهران للإحتفال برأس السنة، وبالطريق وأنا أقود السيارة بسرعة كبيرة انفجر إطار العجلة ما نتج عنه انقلاب السيارة لعدة مرات، فتهشمت عن آخرها، تم نقلي إلى المستشفى من قبل بعض المارة، وأدخلت العناية المركزة وبقيت فيها أكثر من شهر، وبعد حوالي شهرين بالمستشفى خرجت ولكن معاقا برجلي اليمنى ويدي اليسرى. بعد هذا الحادث تغيرت حياتي تماما، لأنني أدركت وتيقنت أن ما أصابني عقابا من رب العالمين على ما جنيته بحق الفتاة، لو أنني لم أفعل بتلك الفتاة شيئا، لما أصبحت الآن معاقا، ولكن الحمد لله على كل شيء. فأنا حاليا تغيرت كليا، وأصبحت ملتزما دائم الذّهاب إلى المسجد، وتركت كل ما يغضب المولى عز وجل، فهذا الحادث كان درسا حتى أغير حياتي. والحمد لله على كل شيء. التائب إلى الله