تندرج دعوة المغرب إلى فتح الحدود البرية مع الجزائر في أجواء تهدئة متبادلة لكن الخلاف حول الصحراء الغربية ما زال قائما والريبة عميقة بين العاصمتين. وفي خطاب ألقاه السبت في الذكرى الثانية عشرة لتوليه العرش دعا العاهل المغربي إلى دينامية جديدة وتطبيع العلاقات الثنائية ذاهبا إلى حد التحدث صراحة على فتح الحدود البرية. وقد أغلقت الحدود التي يبلغ طولها أكثر من 1500 كلم من المتوسط إلى الصحراء الغربية سنة 1994 إثر إعتداء نفذه متطرفون إسلاميون في أحد فنادق مراكش (جنوب المغرب) ونسبته الرباط إلى أجهزة الإستخبارات الجزائرية، وقد بدت منذ بضعة أشهر بين الرباطوالجزائر بعض بوادر التحسن في علاقاتهما لا سيما عبر تبادل زيارات على مستوى وزاري لكن دون تسوية مشكلة الصحراء الغربية الشائكة. ويحتل المغرب هذه المستعمرة الإسبانية سابقا منذ 1975 ويعرض على الصحراويين حكما ذاتيا واسعا ضمن سيادته مع تشكيل حكومة وبرلمان، لكن الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (بوليساريو) التي ترفض هذه الخطة تحظى منذ البداية بدعم الجزائر. ويرى الكثير من المغاربة أن الجزائر بيدها مفتاح النزاع لكنها لا تفعل ذلك من أجل إضعاف المغرب كما قال المحلل السياسي محمد ظريف. ويرى بعض الخبراء أن المبادرات الحالية لكسر الجليد بين الرباطوالجزائر هي أولا نتيجة الربيع العربي، وقال المؤرخ المعطي المنجب أن تلك الحركة أثارت مخاوف ودفعت بقادة البلدين إلى تكثيف الدعوات إلى التهدئة والتعاون الإقتصادي. ومن شأن فتح الحدود أن يساهم في تحريك السياحة والمبادلات الثنائية، وتفيد وزارة التجارة الخارجية المغربية أن إيرادات المغرب من الجزائر لم تتجاوز 2% والصادرات 1% خلال 2010. وقالت الأستاذة في العلوم السياسية في جامعة "باريس8" خديجة محسن فنان أن في مواجهة المجتمعين المدنيين النشيطين لم تعد الشعارات القومية البليدة التي كان القادة يتمسكون بها تصلح، لقد تجاوزها الزمن نسبيا، لكن على رأي الجميع ما زالت العلاقات الثنائية التي تتسم بالتوتر منذ الإستقلال صعبة ومتقلبة. ولخص المعطي المنجب المؤرخ في جامعة محمد الخامس بالرباط بالقول "أنهما مثل تمساحين في بحيرة واحدة أن كل نظام في البلدين يعتبر نفسه عملاق المغرب العربي، بينما غالبا ما تتسم علاقاتهما بالرغبة في الهيمنة الإقليمية. ولم تعلق الجزائر رسميا على خطاب الملك لكن الناطق باسم جبهة التحرير الوطني (الحزب الحاكم) قاسم عيسي وصف مساء السبت ما ورد في خطاب الملك بأنه مجرد افتعال ضجة للفت الإنتباه، وقال في اتصال هاتفي أنها طريقة متكررة لا تعبر سوى عن وجهة نظر واحدة، وهي وجهة نظر المخزن (القصر الملكي) المغربي. كذلك ترك التاريخ بصماته في العلاقات بين البلدين، منها حرب الرمال التي خاضها البلدان سنة 1963 بعد سلسلة من الحوادث الحدودية تم التوصل إثرها إلى وقف إطلاق النار في فبراير 1964 فظلت الحدود بين البلدين على حالها بدون تغيير، وقال المنجب أن تلك الحرب تركت أثارا شديدة في ذاكرة البلدين وكسرت الحماسة التي تلت استقلالهما.