بمجرد حلول شهر رمضان المبارك، أثبتت الدراما السورية أنها قوية وحاضرة ولا غنى عنها أبدا في ساحة المسلسلات الدرامية، رغم كل حالات التشكيك حول غيابها، نظرا للأحداث التي تشهدها سوريا منذ ما يزيد عن الخمسة أشهر، بعدما توقفت مجموعة من الأعمال أو تأجّل تصويرها بسبب ما يجري في البلاد. ومن جهتها، حضرت مسلسلات الزعامة أو ما يعرف بمسلسلات البيئة الشامية من خلال مسلسل ''الزعيم'' الذي يتابعه الجمهور الجزائري على محطة MBC؛ ولكن السؤال الذي يظل مطروحا هو لماذا يتعلّق الجزائريون بهذه النوعية من الأعمال؟ سألنا مجموعة من المختصّين بمجال الفن وتنوعت إجاباتهم. الشهامة باتت مفقودة في الأعمال الجزائرية يعدّ الممثل حكيم دكار أكثر الفنانين الذين احتكوا بالدراما السورية؛ من خلال تعاونه مع الكوادر الفنية السورية ومخرجي الشام، فكان له ما يقوله في هذا الشأن ''أعتقد أن تعلّق المشاهد الجزائري بمسلسلات البيئة الشامية الذي كان واضحا بشكل كبير من مسلسل ''باب الحارة'' بأجزائه الخمسة، يرجع بالدرجة الأولى إلى بحث المتفرّج، عموما، على الشهامة المفقودة في الأعمال الجزائرية التي جاءت بشكل محسوس على المواضيع التي تتحدث عن الرجولة والمقاومة ضد كل ما هو عدو ومستبدّ، والغريب أن تاريخنا وثورتنا ضد الإستعمار بها حكايات كثيرة؛ كان من الممكن أن نستغلها في مسلسلات من هذا النوع''. حذارِ من أخذ العبرة وحذر دكار من ظاهرة التقليد أو أخذ العبرة من هذه المسلسلات، موضحا فكرته بالقول ''هذه المسلسلات تدور في حقبة زمنية معينة، حيث كان القانون لا يوجد به ما يشفي غليل كل بيئة، فكانوا يذهبون إلى زعيم منطقتهم للفصل في أمور حياتهم، وإنما نحن الآن في عصر السيادة وسلطات القانون، بالتالي فالأمور اختلفت تماما''. وعرج المتحدث إلى موضوع آخر، بقوله ''للأسف نحن لا نملك دراما أصلا لنعالج مواضيع بيئتنا المتمثلة في الدشرة الجزائرية ولعروش والقبائل، فبات كل من هبّ ودبّ ينتج والنتيجة ما نراه حاليا على شاشة التلفزة من تراجع لمستوى الدراما ككل. وأنتهز الفرصة هنا لأطالب بتأطير هذه الصناعة''. كريم بوجرادة ''التلفزيون الجزائري احتكر كل شيء'' المنتج والناشط بمجال الإعلام، كريم بوجرادة، صاحب شركة ''oiram''، من جهته، قال إن احتكار التلفزيون للإنتاج الدرامي، أبعد المنتجين على صناعة هذه النوعية من الأعمال التي بات المشاهد الجزائري يتابعها عبر مسلسلات البيئة الشامية، مستطردا ''هذا العام أغلق ''باب الحارة'' نهائيا وتم تعويضه بمسلسل الزعيم كما تم إنتاج الجزء الثاني من مسلسل ''الدبور'' و''رجال العز'' و''طالع الفضة'' والملاحظ رغم الظروف السياسية التي تمر بها سوريا، إلا أن دراما الزعامة لا تزال حاضرة وبقوة في المشهد الدرامي، وأعتقد أن الجمهور مازال يبحث عن زعيم تجتمع فيه كل المواصفات ليسترجعوا من خلاله الزعامة العربية التي بدأت تنهار رموزها يوما بعد يوم''. مسلسلات تجارية وضعيفة المخرج يحيى مزاحم، له رأي مختلف تماما عن دكار وبوجرادة؛ إذ يعتبر هذه المسلسلات تجارية وضعيفة وتبحث عن الربح واستغلال تعلق الجمهور بها ''المعروف أن سكان القبيلة بصفة عامة أو المجتمع القبلي ما زال يؤمن بالنخوة والحرمة أو ما يعرف عندنا محليا ب''الرّجلة'' وهو ما ركز عليه مسلسل ''باب الحارة'' عبر أجزائه الخمسة، لكن من وجهة نظري فإن ''باب الحارة'' مسلسل ضعيف إخراجيا ومن حيث السيناريو والحوار، لأنه يلعب على وتر النخوة والحرمة ولم يقدم المشاكل الحقيقية للبيئة الشامية، اللهم إلا من خلال قضايا سطحية، مركزا على الزعامة التي تحوّلت إلى ظاهرة اجتاحت كتابات المؤلفين، وأتصوّر نجاح هذه النوعية من الدراما أنها راجعة لاختفائها من مجتمعنا المدني الحالي، بالتالي الجمهور أو المشاهد بات له حنين لها. أعمال تخدّر الشباب احذروها ويحذر المخرج يحيى مزاحم من كون هذه الدراما تشجّع على التطرّف الديني وتعزز مفهوم أن المرأة مكانها الأصلي هو البيت وليس عنصرا فعالا ومهما لديه حريته وقراراته الخاصة، وانتفاض الشباب في سوريا اليوم أكبر دليل على أن الجمهور صار له وعي ولم تتمكن هذه النوعية من الأعمال أن تحذره وتحيده عن المطالبة بحقوقه. الناس تبحث عن القيم المفقودة المنشط سفيان داني، يقول حول مسلسلات الزعامة ''أعتقد أن الناس فقدت هذه القيم والمواقف الرجولية التي تحدد مصير أمة بأكملها؛ فوجدت ملاذها في هذه المسلسلات، والدليل نجاح مسلسل ''الزعيم'' الذي يتابعه الجزائريون على نفس الشاشة التي تابعوا من خلالها ''باب الحارة''، وأنا من رأي حكيم دكار، أن المقاومة الجزائرية بها بطولات يمكن تحويلها إلى مسلسلات تصلح للبث الرمضاني وأنا واثق بأن الجمهور سيتابعها ويهتم بها''.