"أياو لمحاجب" "ذوقوا زلابية بوفاريك" أو "الدوبارة البسكرية الأصلية" بمثل هذه العبارات تتعإلى أوصات باعة الأرصفة كل شهر رمضان بحي باربيس بالدائرة 18 من باريس الذي يعج بالمهاجرين ذوي الأصول المغاربية. و على طول هذا الحي و الشارع المحادي ل"لاغوت دور" يعرض هؤلاء الباعة الموسميون سلعهم من الأكلات التقليدية إلى الهواتف المحمولة العصرية إلى الملابس و الطرفات الصينية. في شهر رمضان من كل سنة و شأنها شأن شارع لاشابيل و الأزقة المحادية تتحول باربيس إلى سوق مفتوحة تعج بالمارة و الزبائن. "كل هذه الروائح تذكرني بحي باب الوادي الذي غادرته منذ 20 سنة لاستقر هنا بفرنسا" تقول سيدة في العقد الرابع كانت تتوسق رفقة بنتيها. و تضيف هذه السيدة التي قدمت من فانسان "استمتع عندما آتي إلى هنا كلما ينتابني الشوق و الحنين إلى الوطن و خاصة و أننا نجد كل شيء هنا بباربيس سيما السلع القادمة من الوطن". و من المحلات الأكثر استقطابا خلال هذه الفترة من السنة بشارع باربيس القصابات "الاسلامية" التي تعرض مختلف سلعها ذات المواصفات "حلال" حيث يفضل معظم الزبائن محل الحي على "سلع المساحات الكبرى من باب الثقة" حسبما أكده جمال صاحب أحد المحلات ب"لاقوت دور". و يبدو أن شريطا بثته عشية رمضان إحدى القنوات الفرنسية حول شرعية بعض السلع "حلال" كان له الأثر الكبير على العديد من المستهلكين. و قالت إحدى المتسوقات في هذا الصدد أن "المسؤولين عن ذلك يتحملون مسؤوليتهم في توفير اللحم الحلال للجالية المسلمة". و حاليا لا يوجد في فرنسا معيار موحد لتحديد علامة "حلال" و هي مهمة خولت للمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية منذ إنشائه في 2003. و لحد الآن تقوم مساجد باريس و ليون و إيفري بإصدار بطاقات تصديق غير أن هيئات أخرى تسهر على المراقبة خاصة بالمذابح. أمقران صاحب الثمانين خريفا و الذي يقيم بفرنسا منذ السنوات 1950 يعتبر أن رمضان ليس "مسألة أكل فقط" و إنما مناسبة لمساعدة المعوزين و التضامن معهم في إشارة منه إلى "آلاف المعوزين ضمن جاليتنا الجزائرية بفرنسا نتيجة الإقصاء". يعمل أمقران مع زميله السعيد بشارع أفر لتنظيم عملية توزيع الوجبات الجاهزة التي تحضرها نساء متطوعات من جمعية جالية الجزائريين بباريس. و في هذا الصدد قال رئيس الجمعية عبد القادر مادي أن هذه الإلتفاتة "أقل شيء يمكننا تقديمه لجاليتنا في هذا الشهر العظيم". "و كان بودنا تقديم أكثر من الوجبات المئة التي نقوم بتحضيرها يوميا غير أن محلاتنا الضيقة لا تتسع للمزيد". نفس الوقفة التضامنية يعيشها مسجد خالد ابن الوليد بشارع ميرا حيث يتم تقديم ما لا يقل عن 500 وجبة يوميا عند الإفطار حسب عميد المسجد الشيخ حمزة الذي يتحدث عن "سنة" تكرسها مؤسسته منذ عشر سنوات. و يستقبل المسجد المتواجد بين فندق و مكتبة مئات المصلين لآداء صلاة التراويح. و اعتبر الإمام الأكثر شهرة بالدائرة ال18 لباريس أن "رمضان مناسبة للتقرب من المولى عز وجل و ليس مجرد مسألة طبخ و هو ما نحاول تلقينه للأجيال الشابة التي تتخبط أحيانا في مشاكل وجدانية".