ظهر الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في كامل قواه عكس ما تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي و وسائل الإعلام بأن هذا الأخير يتواجد في فرنسا للعلاج وقد استقبل رئيس الجمهورية، أمس، رئيس مجلس الوزراء و وزير الخارجية لدولة قطر الشيخ حمد بن جاسم بن جابر آل ثاني. وإن كان لقاء الرئيس عبد العزيز بوتفليقة مع رئيس مجلس الوزراء القطري مبرمج منذ عدة أسابيع فإن ظهور رئيس الجمهورية جاء على نحو مفاجئ للكثير من الأوساط التي راهنت على بث أخبار وإشاعات تفيد بتردي الوضع الصحي للرئيس بوتفليقة. وإن كانت هذه الإشاعات متناقضة حتى في أدق تفاصيلها بين من تحدث عن زيارة رئاسية للعلاج في سويسرا وآخرون أجزموا بأن الزيارة تمت إلى فرنسا فإن ظهور الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في أوج ليقاته الصحية كشف بسرعة كبيرة زيف الإشاعات والجهات التي تقف وراء بثها. وكان الاستقبال الذي تم بإقامة جنان المفتى بالعاصمة الجزائر فرصة للرئيس حتى يفند الأخبار التي تناقلت في وسائل الإعلام وعلى موقع التواصل الإجتماعي ''الفايسبوك''، حيث شاهد جميع الجزائريين أمس الرئيس بوتفليقة على التلفزيون بعد استقباله لوزير خارجية قطر، وهو ضاحكا مبتسما، بل إن الرئيس وعلى خلاف العادة دردش كثيرا مع وزير الخارجية القطري، وأثنى كثيرا على رجال الإعلام والمصورين الصحافيين وقال لوزير الخارجية القطري وهو يخرج برفقته بعد استقباله الصحافة الوطنية مجاهدة واصفا الإعلاميين والمصورين الحاضرين بأنهم مجاهدون مضيفا ..''هاذو توعنا دايما واقفين ويعياو من الخدمة''، حسبما أكده أحد المصورين الصحافيين ل''النهار''، ممن حضروا تغطية مراسيم الاستقبال بجنان المفتي. وفهم بعض الصحافيين كلام رئيس الجمهورية على أنه رد ضمني على الحملة التي تعرض لها وتعرضت لها أيضا الجزائر من طرف قناة ''الجزيرة'' القطرية و وصف أحد هؤلاء الثناء الكبير للرئيس على الصحافة الجزائرية على أنه عرفان بأنه في وقت الشدة الجزائر ستكون صف واحد ويكون الصحافيون ''مجاهدون''، حسب تعبير الرئيس بوتفليقة. وكان الشيخ حمد بن جاسم قد أكد مساء أول أمس الثلاثاء لدى وصوله إلى الجزائر مرفوقا بوفد هام في زيارة عمل على عمق علاقات التعاون التي تربط بين الجزائر وقطر، وأوضح أن زيارته إلى الجزائر بدعوة من الوزير الأول أحمد أويحيى تندرج ''في إطار التواصل بين قطر و الجزائر'' وستكون فرصة سانحة للتباحث حول ''مجالات تطوير التعاون'' الثنائي -كما قال- وأن هناك الآن بعض الاتفاقيات التي بدأت تتبلور بشكل إيجابي في العلاقات الاقتصادية بين البلدين''. وتعتبر زيارة الوزير القطري، الأولى بعد أزمة توقيف منح التأشيرات للجزائريين، وهي القضية التي طلبت بشأنها الجزائر من الطرف القطري توضيحات ، ويبدو من خلال الزيارة أن الأزمة الصامتة قد طويت خاصة فيما يتعلق بتوافق المواقف مما يحدث من ثورات وانتفاضات في بعض الدول العربية خاصة ليبيا التي كان موقفا بلدين مما يحدث فيها متناقضين تماما. رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري يعترف بالخطإ في معالجة الملف الليبي ''تلقينا درسا من الرئيس بوتفليقة في الدبلوماسية وكيفية معالجة الأزمات'' اعترف رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري حمد بن جاسم آل ثاني، امس، أن بلاده تلقت درسا في الدبلوماسية من طرف الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، فيما يتعلق بإدارة الملفات الإقليمية والازمات، فيما بدا على أنه إشارة واضحة إلى الملف الليبي وموقف الجزائر منه، الذي كان متحفظا وموزونا على عكس الموقف القطري المتسرع.وقال المسؤول القطري الذي زار الجزائر أمس والتقى الرئيس بوتفليقة، في تصريح بثه التلفزيون الجزائري، بصريح العبارة ''تلقينا درسا من الرئيس بوتفليقة في الدبلوماسية''، في إشارة واضحة الى أن الموقف الجزائري من القضية الليبية كان حكيما وصائبا، وأن موقف قطر كان متسرعا ولم يأخذ فيه بالحسبان العديد من المخاوف والمعطيات، خاصة ما تعلق بالشق الأمني ولعبة المصالح التي تهدد الأمن القومي لبلدان مجاورة.ويأتي تصريح رئيس وزراء قطر ووزير خارجيتها، تزامنا مع الأزمة الناشبة بين ثوار ليبيا، وخاصة بين الإسلاميين والتيارات ''الجهادية'' من جهة المدعومين من طرف قطر والعلمانيين والديمقراطية من جهة اخرى والمدعومين من طرف فرنسا، على خلفية عدم الاتفاق على تشكيلة الحكومة الانتقالية ونظام الحكم في البلاد.وذكّرت الخلافات والانشقاقات في صفوف ثوار ليبيا، بالتحذيرات التي سبق وأن اطلقتها الجزائر غداة انطلاق الثورة في ليبيا، واستمرت حتى سقوط نظام القذافي، عندما قالت الجزائر أنها مستعدة للاعتراف بالمجلس الانتقالي شريطة وجود حكومة تمثل كافة الشعب الليبي.وبقدر ما كانت المخاوف والتحفظات التي أبدتها الجزائر بشأن الوضع في ليبيا مرتكزة على نواح أمنية، بقدر ما كانت أيضا مبنية على حسابات جيوسياسية املتها سياسات المصالح والتدخل الأجنبي في ليبيا من طرف قوى غربية، كانت تهدف إلى تحقيق أطماع ومصالح ضيقة لا غير، وهو الأمر الذي بدا جليا هذه الأيام عقب الضغوطات والعراقيل الفرنسية بشكل خاص لمنع تشكيل حكومة ليبية تمثل التيار الإسلامي المعتدل، وتقصي التيار العلماني الموالي لباريس.وعلى النقيض تماما، أبدت قطر تسرعا وتهورا في التعاطي مع الملف الليبي، عندما سارعت إلى مسايرة الجموح الفرنسي في ليبيا، ووقعت على صك على بياض لتطبيق سياسات ساركوزي بالمنطقة، التي راحت قناة ''الجزيرة'' القطرية تروج لها باندفاع دون حساب العواقب ومراجعة هوية المنتفعين من ''اللعبة'' في ليبيا.