إعترف وزير العدل حافظ الأختام الطيب بلعيز لأول مرة بأن اللجوء المتكرر إلى طلب الخبرة القضائية من طرف قضاة التحقيق تسبب في الكثير من الأحيان في تعطيل ملفات الفساد على مستوى الجهاز القضائي. وبالتالي تعثر تعليمات الرئيس بوتفليقة لملاحقة المتسببين في نهب المال العام. وجاء تصريح الطيب بلعيز على هامش تفقده، أمس، المنشآت الخاصة بوزارة العدل على مستوى ولاية البيض حيث استفسر وزير العدل خلال تفقده لمكتب أحد قضاة التحقيق عن الأسباب التي تعطل سير قضايا الفساد فأجاب قاضي التحقيق أن السبب الوحيد هو طلب الخبرة القضائية التي غالبا ما تتطلب الكثير من الوقت. وقد اعترض وزير العدل على هذه الإجابة موضحا بأن الخبرة القضائية يتطلبها قانون العقوبات القديم أما فيما يتعلق بقضايا الفساد فان التحقيق القضائي يرتكز على تحديد المبالغ المختلسة ولا يستوجب الخبرة القضائية وطالب بالإسراع في غلق ملفات بعض القضايا العالقة وقام بتفتيش البعض منها والتي كانت بمكتب قاضي التحقيق. وجاء تصريح الطيب بلعيز ليكشف لأول مرة عن وجود نية لدى وزارة العدل من أجل التحكم أكثر في ملفات الفساد وخاصة فيما يتعلق بالآجال التي يستغرقها التحقيق وأيضا تحديد الخسائر والأضرار والتي عادة لا تحتاج إلى خبرة بالنظر إلى سهولة توفيرها من طرف الضبطية القضائية. ويفتح تصريح وزير العدل المجال لأول مرة للحديث عن سير الآلة القضائية حيث تسمح معاينات ميدانية من التأكد بوجود نوع من غياب التجانس والإنسجام في الأحكام القضائية أو بعبارة أدق عدم وجود نفس الرؤية لدى القضاة بين القضايا المتعلقة باللصوصية الصغيرة وتلك التي تخص نهب المال العام على نطاق واسع. فقد مثل قبل يومين بأحد المجالس القضائية بغرب البلاد شاب وجهت له تهمة ''سرقة محاصيل زراعية'' والقضية تخص كمية محدودة من العنب يكون قد أخذها بسبب الفقر أو الحاجة لكن أبقي عليه في السجن بينما يستفيد آخرون متهمون في قضايا أخر من أحكام وقف تنفيذ العقوبات. وحتى سيدة واجهت تهمة سرقة حذاء حكم عليها سنة سجن مع وقف النفاذ وعقوبة مالية بقيمة 10 ملايين سنتيم بينما تصدر أحكام أخف في قضايا أخطر. وبما أن وزير العدل أخذ المبادرة في الكشف عن أحد أوجه النقص فيما يتعلق بعملية مكافحة الفساد التي أمر بها رئيس الجمهورية فإن اللجوء أيضا إلى النظر في توحيد سقف العقوبات أو تقريبها سيعطي دون شك جرعة أوكسجين حقيقي لجهاز العدالة بما ينهي نهائيا حالة الغبن التي تخلفها الأخطاء القضائية أو ربما الوتيرة السريعة لمعالجة الملفات والتي لا تتجاوز في بعض المجالس دقيقة واحد لفئة من المساجين الموقوفين لدى تقديمهم على مستوى المجالس القضائية.