تكشف وثيقة رسمية صادرة عن السلطات الليبية، الكيفية التي مات بها العقيد معمر القذافي، مكذبة في نفس الوقت مجمل الروايات التي وردت على ألسنة مسؤولين من المجلس الانتقالي وقادة الثوار والتي كانت متناقضة حتى فيما بينها. وتكشف نسخة من شهادة وفاة معمر القذافي، تلقت ''النهار'' نسخة منها، أن القذافي لقي حتفه، متأثرا بإصابته برصاصتين الأولى على مستوى الصدر والثانية على مستوى الرأس، موضحة أن الإصابة الثانية كانت من جهة الجانب الأيسر للرأس. وناقض مضمون وثيقة شهادة وفاة القذافي كل ما صرح به قادة ليبيا الجدد، حيث سبق لمحمود جبريل رئيس الحكومة الليبية المؤقتة، أن قال إن الزعيم الليبي قتل في تبادل لإطلاق النار، وإصابته بطلقة على مستوى الرأس، فيما سرد مسؤولون آخرون في المجلس الانتقالي وقوات الثوار روايات أخرى متعددة ومتناقضة حول كيفية مقتل القذافي. وثيقة شهادة وفاة القذافي، ناقضت أيضا ما أعلن أمس من نتائج قيل إنها لعملية تشريح الجثة، حيث كشف المسؤولون الليبيون عن جانب من تلك النتائج وقالوا إن التشريح أثبت أن القذافي مات متأثرا بإصابة برصاصة في الرأس، دون ذكر الإصابة الثانية على مستوى الصدر، وهي الإصابة التي لم تظهر أيضا خلال تصوير القذافي حيا بين أيدي الثوار. كما أشارت وثيقة إعلان وفاة القذافي، إلى أن هذا الأخير بدت على جثته آثار لثلاث عمليات جراحية، الأولى من الجهة اليسرى للبطن والثانية على الجهة اليمنى وعملية جراحية ثالثة على مستوى الرجل اليسرى للقذافي، لتضيف الوثيقة أن كل العمليات جراحية بدت أنها قديمة. ورغم أن التشريح الطبي يفترض فيه أن يكون أكثر دقة وتفصيلا في تحديد كيفية مقتل القذافي، غير أنه بدا من خلال النتائج المعلن عنها، أنها كانت كاذبة ومضللة وجرى إعداداها بناء على طلب، لتفادي الضغوطات الدولية عقب اكتشاف تعرض القذافي ونجله للإعدام والتصفية الجسدية. وفي سياق متصل، بث أمس الموقع الإخباري ''غلوبل بوست'' شريط فيديو بالتصوير البطيء، يظهر لقطات من عملية اعتقال القذافي وتكالب الثوار على الاعتداء عليه بهمجية وبطريقة مشينة ومخلة بالحياء ولا تمت بصلة للإسلام والمسلمين. وصور الشريط بوضوح كيف قام أحد الثوار، كان يرتدي عباءة رمادية، اقترب من القذافي على يساره، وقام بتوجيه طعنة بخنجر على مستوى دبر الزعيم الليبي، فيما قام هذا الأخير بحركة دلت على تعرضه لألم شديد، عندما قام بشد أحد معتقليه من قميصه. كما أظهر الشريط بشكل غير واضح بعض بقع الدم، على مستوى المنطقة التي تعرضت للطعن، فيما واصل ''الثوار'' اعتداءاتهم على القذافي، وترويعهم له، من خلال ضربه بالركل بالأرجل على مستوى الرأس، وجره على الأرض. هذا ما قاله نجل القذافي للثوار بعد اعتقاله المعتصم: ''الرصاصات على جسدي أوسمة أفتخر بها'' - وصف الثوار بالمراهقين ورد على طلب بقول كلمة الله أكبر.. ''أعطوني الكلاش وستسمعون كلمات التكبير جيدا'' قال المعتصم القذافي أثناء توقيفه من قبل الثوار، إن الرصاصات التي كانت على جسده بمثابة أوسمة يفتخر بها، وكان يبدو خلالها في صحة جيدة وغير خائف في شجاعة تامة، في حين كانت صيحات الثوار تتعالى هناك وتتوعده بالتصفية واللحاق بأبيه معمر القذافي. ويظهر شريط فيديو، تحصلت ''النهار'' على نسخة منه، أن المعتصم القذافي كان بمعنويات مرتفعة وغير خائف وبصحة جيدة وإصاباته غير خطيرة عندما تم توقيفه من قبل الثوار، باستثناء أنه كان مصابا تحت إبطه ورجله اليمنى، وأنفه ينزف دما جراء ما بدا أنه تعرض لضرب مبرح، قبل أن يدخل في جدال مع الثوار. وبدا المعتصم في الفيديو وهو يرد على طلب لأحد عناصر الثوار عندما أمره بقول كلمة ''الله أكبر''.. ''أعطوني الكلاش وستسمعون التكبير جيدا لأنه لا يقال إلا في المعارك''. وتكشف لقطات الفيديو كيف واجه المعتصم أسئلة أحد الثوار بالرد عليه، ''من أنت، ما اسمك؟''، وقبلها كيف كان يتفحص إصابته بالرصاص تحت إبطه، ليقول له أحد الثوار بسخرية ''لا تخف.. سوف نقوم بعلاجك''، فما كان من المعتصم سوى الرد ''هذه أوسمة على جسدي''، في إشارة إلى الجروح والكدمات والرضوض التي كانت على جسد المعتصم. وأظهرت لقطات شريط الفيديو الثوار معتقلي نجل القذافي وهم في فورة غضبهم عندما رد على أسئلتهم واستفزازاتهم له بالقول ''أنا لا أتحدث مع المراهقين''. ورغم ما ظهر خلال لقطات الفيديو من أن المعتصم كان مصابا بطلقتين أو ثلاث في رجله اليمنى، وبرصاصة تحت إبطه، غير أنه كان يتحرك بطريقة عادية، ولم تبدُ عليه أي علامة من علامات الإحساس بالألم. وفي أشرطة فيديو أخرى تظهر المعتصم جثة هامدة بعد قتله، بدا الاختلاف على جسد نجل القذافي قبيل وفاته وبعدها، مريبا ومثيرا للشكوك، حيث كانت أجزاء من جثة المعتصم مغطاة بلفافات قماش، وهو ما ظهر جليا على مستوى عضدي يديه، بخلاف ما ظهر عليه المعتصم قبل إعدامه، وهو الأمر الذي يؤكد الاتهامات التي ساقها أنصار القذافي للثوار بتقطيع يدي وأرجل المعتصم والتنكيل بجثته بعد قتله.