أكد مشاركون في أشغال الملتقى التأسيسي الوطني "بوقاعةو فضاؤها التاريخي و الحضاري :مجزرة محتشد 11 مارس 1958 ببوقاعة ..ذكرى تأبى النسيان" المنظم اليوم الجمعة بالمركز الثقافي رابح بيطاط بمدينة بوقاعة بسطيف، بأن ما اقترفته قوات المستعمر الفرنسي ضد أبناء هذه المنطقة في 11 مارس 1958 تعتبر "جريمة مروعة ستظل محفورة في الذاكرة الجماعية". وأوضحت في هذا الإطار فطيمة بوهاني, أستاذة محاضرة بكلية الإعلام و الاتصال بجامعة الجزائر 3 و رئيسة الملتقى, بأن الغارة الاستعمارية التي قامت بها القيادة الفرنسية لمنطقة شمال سطيف التي كانت آنذاك تحت سلطة العقيد دي سيفلينج " كانت أكبر غارة عرفها سكان منطقة بوقاعة في تاريخ قريتهم". وأضافت بوهاني بأن تلك الغارة الاستعمارية "دامت أسبوعا كاملا عرف فيها سكان بوقاعة شتى أنواع التعذيب و الضرب و القمع بعد أن اقتيد 2500 شخص من سكان هذه المنطقة في تدافع شديد إلى ملعب القرية الذي أحيط بسياج شائك ليعتقل الجميع هناك تحت وقع الركل و الضرب" . وتطرق الكاتب و المؤرخ لتاريخ المنطقة, ساعد تاكليت, إلى مجزرة محتشد 11 مارس 1958 ببوقاعة التي تمت خلالها تصفية 9 شخصيات كانت تنشط مع شبكات دعم جبهة التحرير الوطني من بينهم والده الشهيد الطيب تاكليت و رفيق والده سعيد علواني, مردفا بأن "أحداث مارس 1958 ببلدية بوقاعة دامت من 6 إلى 12 من نفس الشهر شهد فيها مدنيون عزل من هذه المنطقة الجبلية أبشع أنواع التعذيب". وقال ساعد تاكليت "لم يكن سني يتجاوز آنذاك 10 سنوات إلا أنني لا أزال أتذكر كيف تم وضع قنبلة في حدود الساعة السادسة صباحا بمنطقة بن عرعار, و هو مكان تواجد منزلنا, من طرف قوات الاحتلال الفرنسي و اقتياد والدي و احتجازه في ظروف سيئة جدا إلى غاية تصفيته رفقة أصدقائه في الجهاد بالرصاص بتاريخ 11 مارس 1958 على مستوى الجسر المعدني بمنطقة بوفروج". ودعا تاكليت إلى ضرورة البحث في التاريخ و التعمق فيه و إبرازه و إخراجه للعلن لنقله و ترسيخه لدى الأجيال الصاعدة بالتنسيق مع جميع الفاعلين, لاسيما الباحثين و المختصين في المجال, لافتا إلى "ضرورة تكثيف مثل هذه المبادرات و البحث عن شهادات من عايشوا تلك الأحداث, لاسيما و أن القليل منهم فقط لا يزال على قيد الحياة " . وأبرزت في نفس السياق الأستاذة أم كلثوم بن أعراب, من قسم التاريخ بجامعة سطيف 2, أهمية " التأسيس لفرقة بحث تهتم بالتاريخ المحلي بجميع جوانبه و إعطاء البحث التاريخي كامل الأريحية و الوقت و الإمكانيات للخروج بمشروع محلي متكامل شرط أن ينجز هذا المشروع بأيادي وطنية قصد التأسيس لذاكرة محلية", مقترحة إنشاء معهد للتاريخ في منطقة بوقاعة بالتنسيق مع الباحثين و المختصين في المجال من أجل تحضير قاعدة للمعلومة التاريخية, بالإضافة إلى ترميم بعض المعتقلات المنسية على غرار معتقل "عين مداح". ويأتي تنظيم هذا الملتقى التأسيسي الوطني لمجزرة محتشد 11 مارس 1958 بمبادرة من جمعية "تجمي" الإنسانية و يندرج في إطار تمجيد التاريخ و المحافظة على مكتسبات ثورة التحرير المجيدة و معاركها الخالدة و التعريف بالمنطقة و بزخمها التاريخي و الثقافي و مكونها الاجتماعي و جمع و كتابة تاريخ المنطقة و التنقيب عن مصادره المكتوبة و الشفهية.