في مجتمع اليوم حيث الانفتاح علي العالم, والاحتكاك بالثقافات, وحرية الاستثمار, وتنقل رأس المال, وسيادة النمط الاستهلاكي, ويوشك العالم أن يصبح وحدة عالمية واقعيا, بالرغم من تعدد الثقافات, فإنه كرة اجتماعية بلا حدود, والحياة الاجتماعية بين الأمم أصبحت متداخلة, وعادت البشرية إلي سيرتها الأولي إلا قليلا, أي بلاد الله لخلق الله, وأصبح الارتباط الوطني يقوم علي مدي تحقيق مصالح الفرد داخل المجتمع, فلم يعد صالحا هيمنة الدولة علي المجتمع, وهيمنة المجتمع علي الفرد..؟ إلا إذا كانت الدولة تفيد المجتمع وتنظمه, وتحقق استقراره, وينسق المجتمع قواه الفردية, فيجعل الأقلية المتميزة في المقدمة, ويعطي لها حق القيادة, لتحقيق الرفاهية, باستغلال مواهب المتميزين من أفراده, والذين يقع عليهم عبء قيادته, بالإقناع والأفعال لا بالأقوال, هذا مجتمع اليوم المتوازن الافتراضي الذي يدفع بقواه المختلفة لصيانة المجتمع والدولة في كل المجالات فتقوم السلطة فيه علي القانونية العقلانية, لا الكاريزماتية الشخصية ذات الجاذبية والحضور الطاغي فقط, فلم تعد كافية كما كان الحال من قبل, مجتمع اليوم في ظل العولمة, يحتاج إلي مواهب متنوعة وعديدة, فبلبل واحد لم يعد قادرا علي صنع الربيع كما قال الزعيم اليوغسلافي الراحل جوزيف تيتو..! المجتمع لا يتشكل بقرارات أيديولوجية, لكنه نتاج للمحيط كما أشار (مونتسكيو), فالمحيط المتمثل في التقاليد, والتراث الإيجابي والسلبي, وعوامل التقادم, والظروف المحيطة الراهنة, هي التي تشكل المجتمع, الذي تقوم عليه الدولة, والمحيط الخاص بنا يشكله تاريخنا القريب, الذي بدأ مشواره مع الحداثة والتطور, بعد صدمة التخلف التي أصابتنا بعد الاستدمار الفرنسي الذي أصاب الجزائر, وهيأ الله لها رجالا نوفمبر, استطاعوا أن يزيحوه بالقوة من البلد, وأن يعيدوا للشعب ما أفتقده طيلة أكثر من قرن وربع قرن من الاضطهاد والعبودية والتسلط ومحو الشخصية والهوية الوطنية الجزائرية..؟ اليوم ماعاد هناك استعمار ولا ارتباط به والكل يدرك ذلك ،ولكن الذي لم يدركه الكثيرون هو وجوب المحافظة وترقية إلى ما هو أفضل ،وهنا تكمن الصعوبة الحقة..؟ !