تعد مستغانم من الولايات الرائدة في المجال الفلاحي كونها تمتلك سهولا واسعة تتربع على مساحة 143.689 هكتار، من بينها 131.197 هكتار فقط مستغلة، فيما تبلغ المساحة المسقية 16 بالمائة من مساحة الأراضي الفلاحية أي 21.213.5 هكتار، كما أن ملائمة المناخ وخصوبة التربة ووفرة المياه الجوفية وكذا السطحية جعلها تتصدر الطليعة في الكثير من النشاطات الفلاحية عبر بلدياتها الشاسعة، خاصة زراعة الخضر والفواكه وكذا تربية الحيوانات بمختلف أنواعها. البيوت البلاستيكية مصدر عيش المئات من العائلات ببلديات مستغانم وتعتبر الزراعة البلاستيكية إحدى أهم الشعب الفلاحية بالولاية. والتي انتشرت بشكل كبير في السنوات الأخيرة، سيما بالجهة الشرقية من الولاية وتحديدا بالمناطق الساحلية، أين يتواجد عدد هام من البيوت البلاستكية هناك، وكذلك بالمناطق البعيدة عن البحر على غرار بلديات النكمارية، وحتى بالبلديات الواقعة جنوب الولاية كالحسيان وعين نويصي وغيرها . إلا أن هذه النوع من الزراعة يتمركز أساسا ببلدية أولاد بوغالم. التي تضم لوحدها ما يقارب 7000 بيت بلاستيكي وبنسبة أقل في كل من خضرة، عشعاشة وسيدي لخضر. وظلت الزراعة البلاستيكية لسنوات أحد أهم مصادر الدخل للعائلات بهذه المناطق التي تعتمد على الفلاحة في عيشها، كما ساهمت في توفير ألاف مناصب الشغل للشباب في ظل انعدام الهياكل القاعدية التي من شأنها امتصاص نسبة البطالة بمنطقة الظهرة أساسا. والتي يشكل الشباب بها نسبة تزيد عن 75 بالمائة من مجموع تعداد السكان. محصول الطماطم للولاية يغطي احتياجات الجهة الغربية للوطن الطماطم داخل البيوت البلاستيكية هي إحدى أهم المحاصيل الفلاحية في الزراعة البلاستيكية بالولاية. حيث يقدر الإنتاج سنويا بأكثر من 20 قنطارا في البيت اللاستيكي الواحد. زيادة على الفلفل الأخضر الخص وكذا القرعة والفاصولياء الخضراء وغيرها من المحاصيل الأخرى التي يتفنن في زراعتها منتجو الطماطم .ونتيجة لوفرة الإنتاج في هذه المادة ظلت ولاية مستغانم. لسنوات الممون الرئيس على مستوى أسواق الجهة الغربية وحتى ولايات الوسط خاصة في ظل وجود سوق للجملة للخضر والفواكه ببلدية صيادة. غياب مياه السقي يهدد الإنتاج الفلاحي بالمنطقة لكن هذا النوع من الشعب الفلاحية يعرف تناقصا كبيرا في السنوات الأخيرة بسبب المشاكل الكثيرة التي يوجهها منتجو الطماطم، وتأتي في مقدمتها غياب مياه السقي الضرورية والتي تعد السبب الرئيسي في تراجع الإنتاج إلى أثر من 70 بالمائة. فالبرغم من وفرة المياه السطحية كسد كراميس الموجود ببلدية عشعاشة والذي تبلغ طاقة استيعابه الإجمالية 49 مليون متر مكعب سنويا منها 25 مليون متر مكعب مخصصة لسقي حوض كراميس، إلا أن تأخر مشروع إصال مياه السقي إلى الأراضي الفلاحية حال دون مواصلة الكثيرين لهذا النشاط الذي يعد مصدر رزق لسكان هذه الجهة الفلاحية من الولاية. اللأمر الذي جعل منتجي الطماطم داخل البيوت البلاستيكية يعتمدون على مياه الصهاريج التي يجرها الجرار بمبلغ تتراوح ما بين 400 و600 دج للصهريج الواحد، علما أن البيت البلاستيكي الواحد يتطلب 4 إلى 6 صهاريج كاملة. مما يجعل مصاريف السقي فقط تزيد عن 30 ملايون سنتيم في كل موسم فلاحي.ورغم استفادة كل من بلدتي أولاد بوغالم وعشعاشة من مشروع تجهيز حوض كراميس في شطره الأول على مساحة تقدر ب 120 هكتار بغلاف مالي قدره 5.332.2.262.068 دج لمدة 12 شهرا، لكن هذا المشروع الذي كان من المفترض أين ينطلق مباشرة بعد الانتهاء من إنجاز سد كراميس سنة 2006، عرف تأخرا كبيرا ولم يعرف النور سوى منتصف العام الماضي. والأشغال لا تزال جارية إلى يومنا هذا مما يؤخر وصول الماء إلى الحقول أشهرا أخرى. لتبقى معاناة الفلاحين متواصلة الى إشعار آخر.الامر الذي زاد في عزوف الكثير من الفلاحين من مواصلة هذا النشاط، خاصة في ظل الانتشار الكبير للإمراض التي اصبحت تتلف سنويا مئات البيوت البلاستيكية. ويأتي في مقدمتها داء الميلديو الذي عجز معظم الفلاحين في الحد من انتشاره أو الاقضاء عليه رغم عشرات الأدوية التي يتم استعمالها، فالتقلبات الجوية وكثرة الرطوبة حالت دون الحد منه، الشيء الذي أصبح يكلف منتجي الطماطم خسائر فادحة في كل موسم فلاحي، كما تتسبب حفارة الطماطم أو ليمينو في اتلاف مساحات معتبرة، حيث تقدر نسبة الاصابة 100 بالمائة مع الاشارة إلى تباين حجم الاصابة من بيت بلاستيكي إلى آخر والتي تتراوح إجمالا بين 5 و90 بالمائة على حد تقدير الكثير ممن تحدثوا "للسلام اليوم". ورغم مساعي المخبر الجهوي لحماية النباتات بالولاية للحد من انتشار هذه الحشرة الفتاكة من خلال الحملات التوعوية لمنتجي الطماطم عبر كامل تراب الولاية. وكذا منحهم فرمونات تقضي على دودو توتا ابسولتا، إلا أن ذلك لم ينفع، ف 5000 فرومون أو مصيدة سنويا لم يعد كاف للقضاء على هذه الأفة الجديدة على الطماطم، مثلما اكد لنا الكثير من فلاحي المنطقة، خاصة مع ارتفاع درجة الحرارة حيث يزداد تكاثر هذه الحشرة الفتاكة، خاصة في شهر جوان أين يشرع الفلاحون في نزع الأغطية البلاستيكية. وهو ما أصبح يشكل خطرا على الموسم الفلاحي الجاري. فلاحون يشكون غلاء الأسمدة والمضاربين ومن خلال استطلاع ميداني قامت به "السلام اليوم" قادها إلى بلدية اولاد بوغالم للوقوف على واقع الزراعة البلاستيكية. أين التقينا حينها مع الكثير من الفلاحين الذين اجمعوا على أن هذا النوع من الزراعة في طريقه إلى الزوال بسبب جملة من المتاعب التي ظلت تؤرقهم في كل موسم فلاحي وتثقل كاهلهم. كمشكل غلاء الأسمدة التي ارتفعت أسعارها ب100 بالمائة عكس السنوات الماضية. حيث يتجاوز سعر القنطار الواحد من الأسمدة العادية 9000 دج، بسبب المضاربة وغياب الرقابة خاصة وأن معظم الفلاحين لا يستفيدون من الأسمدة الكيماوية نتيجة الإجراءات المطبقة في توزيعها إلى يومنا هذا. الأمر الذي يجبرهم على اقتنائها من السوق السوداء وبأسعار خيالية، وحتى الأسمدة العضوية ارتفعت أسعارها نتيجة الطلب الكثير عليها. حيث بلغ سعر عربة الجرار ال6000 دج ،كما أضاف بعض الفلاحين أنهم يقومون في كل موسم فلاحي بكراء الأراضي من أصحاب المستثمرات الفلاحية بمبلغ 6000 دج للبيت البلاستيكي الواحد، وهو ما يزيد في ارتفاع التكاليف لديهم، خاصة وأن 70 بالمائة من هؤلاء الفلاحين لا يملكون تلك الأراضي مما يحرمهم من الاستفادة من كل أشكال الدعم التي تقدمها الدولة، بالاضافة إلى غلاء البذور وكذا عملية الغش الذي أصبح ينتاب الكثير من أنواع هذه النبتة. ارتفاع أسعار تجهيز البيوت البلاستيكية يحيل فلاحين على البطالة من جهة أخرى ارتفاع أسعار الغطاء البلاستيكي الذي يتجاوز سعره 25 الف دج للقنطار الواحد وأن البيت البلاستيكي الواحد يتطلب أكثر من قنطارين أي أزيد من 50 ألف دج. كان من الأسباب الرئيسية التي أدت بالكثير من الفلاحين إلى العزوف عن مزاولة هذا النشاط، بالاضافة إلى الرياح القوية التي تتسبب في كل موسم فلاحي في تخريب مئات البيوت البلاستيكية. كما حدث خلال الأيام الماضبة أين أتلفت الرياح التي تجاوزت سرعتها 120 كم / سا أكثر من 120 بيت بلاستيكي بمنطقة عشعاشة لوحدها، إلى جانب غياب التأمين على مثل هذه الكوراث الطبيعية زاد من حجم الخسائر التي يتكبدها منتجو الطماطم سنويا سيما في طل قلة الدعم من الدولة، وتراكم الديون عليهم حرمتهم من الحصول على الامتيازات ومن ثم حرمانهم من مواصلة هذا النشاط والإحالة الاجبارية على البطالة.